كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

11…الموطن أو الأرض - كما سنرى خلال البحث - بمعنى أن ظهور أي تنظيم من خلال أحداث المجتمع في المدينة، لا يعني - بالضرورة - أنه الأفضل، وبالتالي إلغاء ما سبقه، بقدر ما يعني خلق أجواء ملائمة، لمعرفة مزايا هذه التنظيمات ولتعويد القبائل عليها، إلى أن تتهيأ الظروف لتطبيقها. وهذا يعني، أننا ربما وجدنا تطبيقاً وعملاً بالتنظيم العشائري في الفترة التي يظن أنها مرحلة اتنظيم الجماعي، والعكس كذلك، وقد تناولت الدراسة خلال الحديث عن التنظيم الجماعي، أهم وسائل هذا التظيم ووظائفه، والتي منها، إقامة المسجد الجامع وسط المدينة. وتسميته باسم مسجد المدينة، متفرداًبهذا عن بقية المساجد في المدينة، التي تنسب إلى القبائل، أو البطون والعشائر. وكذلك أشير إلى الوسيلة الأخرى للتنظيم الجماعي، وهي المؤاخاة الخاصة بين المسلمين. حيث بين بدء ظهورها وكيفية عقدها واستمرارها، وأهم أهدافها. وكذلك أشير إلى الأسس التي قامت عليها المؤاخاة. كما أشير في هذه الدراسة، إلى تنظيم رابطة ذوي الأرحام. وهو تنظيم يعتمد على جمع عدد من البطون والعشائر - التي تنتسب إلى قبيلة واحدة - تحت راية واحدة. أما الوسيلة الأخيرة، فهي الرابطة العامة بين المسلمين، وتهتم بتوحيد عامة القبائل في تنظيم حربي واجتماعي، تحت راية واحدة. أما المرحلة الأخيرة في هذا الفصل، عن تنظيم القبائل السياسي الإداري والاجتماعي، فقد اختصت بعرض تنظيم عصبية الموطن أو الأرض، كمرحلة نهائية ومتكاملة في مراحل التنظيمات. وأكدت الدراسة هنا، على دور هذا التنظيم في تعويد القبائل على التخلي - بشكل تدريجي - عن العصبية القبلية. وذلك باتباع أسس قوية وحكيمة، مثل الحرص على نسبة القبائل إلى مواطنهم، والحد - ما أمكن - من الاستخلاف على القبيلة، بالاستخلاف على المدن والأقاليم، التي تجمع عدد من القابئل والعشائر المختلفة. وبالنسبة للفصل الثاني، فقد أفرد لبحث موضوع خطط المدينة ومنازل القبائل فيها خلال العصر النبوي. وهو في أربع فقرات رئيسية. الأولى مختصة بتناول العمران في موضع المدينة قبل الهجرة، وذرك خطط الأنصار. حيث تستعرض الدراسة تاريخ التجمع السكاني في المدينة - قديماً إلى ظهور الإسلام - ثم تتطرق - تفصيلاً - لذكر خطط الأنصار، ومن سكن معهم من اليهود، حين قدم الرسول صلى الله عليه وسلم، المدينة مهاجراً. ثم تشير إلى ذكر العوامل التي دعت إلى تركز بعض السكان في منطقة ما من المدينة، أكثر من غيرها. ثم تتناول الفقرة التالية بالدراسة، عوامل اختيار موضع المدية، وأصالة تخطيطها، مع الإشارة إلى العوامل الأخرى، التي دعت الرسول صلى الله عليه وسلم، والمسلمين معه إلى اختيار باطن المدينة أو وسطها لبناء مسجدهم، كنواة لخطط المهاجرين وبعض الأنصار. أما الفقرة الثالثة، فهي مختصة بتتبع دراسة التطور في تخطيط المدينة وسكنى المهاجرين، مع الإشارة لمساحة المدينة، خلال هذا التوسع في خطط المهاجرين. وبالنسبة للفقرة الأخيرة، فقد عنيت بذكر أثر تخطيط المدينة على مدن الأمصار. حيث ألقت بعض الضوء على أوجه الشبه والاختلاف بين تخطيط المدينة، وبعض مدن الأمصار الإسلامية، التي أسست بعد الفتوحات. وكذلك ألقت الضوء على مدى التأثير الذي أوجدته خطط وتنظيمات المدينة على تنظيمات وخطط تلك المدن. وسنجد أن الباب الثالث، وهو الأخير في هذا البحث، قد اختص بتناول مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في المجتمع المدني، خلال العصر النبوي. وقسم هذا الباب إلى ثلاثة فصول. أفرد الفصل الأول لدراسة مظاهر الحياة الاجتماعي. حيث تناول أولاً مستوى المعيشة مع إشارة موجزة إلى أهل الصفة (وهم فقراء المسلمين) …

الصفحة 11