كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
113…
العلاقات الاجتماعية بين الأنصار وسائر المهاجرين
لم تكن علاقة الأنصار بغيرهم من المهاجرين وليدة الهجرة فحسب، إذ سبق ذلك قيام علاقات نسبية وسياسية مع كثير من القبائل العربية (1). وقد اعتبر الزبيري، بني ساعدة، وهم من الخزرج، من أبناء مجربة بن كنانة بن خزيمة (2)، وهو زعم، وإن لم نسلم بصحته، إلا أنه يعطي فكرة عن وجود قرابة قد تكون مصاهرة بين بني كنانة بن خزيمة وبني ساعدة، وهي قرابة وإنشابها شيء من الغموض، إلا أنها - فيما يبدو - كانت وثيقة وعميقة. وقد قامت بين الأنصار وأفراد القبائل المهاجرة في المدينة علاقات نسبية ومحالفات فردية (3). كالعلاقات مع بني الليث (4).، وبني تميم (5)، وجهينة (6)، وبلى (7)، وسدوس (8)، ومع بني عبس بن بغيض من غطفان (9). ونحب أن نشير هنا إلى أن علاقة الحلف في المدينة لم تكن تعني الرغبة في الحصول على سند قوي يكون بديلاً لقبيلة الحليف البعيدة عنه، ذلك أن كثيراً ممن ذكرنا علىأن لهم علاقة مصاهرة أو حلف مع الأنصار في المدينة، بعد الهجرة، كان لقبائلهم وجود قبلي في المدينة نفسها، بل إننا نجد أن أحد الخزرجيين، من بني جشم بن الخزرج، قد حالف بطناً آخر من الخزرج، هم بني بياضة (10).
المجالس والأندية العامة
لقد عايش الرسول صلى الله عليه وسلم، في مجتمعه السابق بمكة، نظماً وتقاليد متطورة، كانت ثمرة اتصال أهل مكة التجاري بالعالم الخارجي، كالحبشة واليمن وغيرها (11). ولعل أبرز تلك التأثيرات كان بناء دور خاصة تعرف باسم النادي أو الندوة (12)، تناقش فيها أمورهم، فيما ينويهم، وفيما أرادوا من نكاح أو حرب (13). وقد اتخذ الرسول صلى الله عليه وسلم، مع مبدأ…
__________
(1) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص289 - 290، العدوي: أحوال مكة والمدينة، ورقة 113، 120، الزبيري: نسب قريش، جـ1، ص10. (2) نفس المكان. (3) ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص472. (4) ابن حجر: نفس المكان. (5) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص86. (6) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص147. (7) ابن حجر: نفس المصدر، جـ4، ص245. (8) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص471 - 472. (9) ابن خياط: الطبقات، ص48 - 49. (10) ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص66. (11) ابن حبيب: المنمق، ص18. (12) ابن حبيب: نفس المكان. (13) ابن حبيب: نفس المكان.