كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

114…هجرته إلى قباء، مجلسين، أحدهما لسكنه والآخر يجلس فيه إلى الناس (1). ولما انتقل إلىالمدينة من قباء، صرنا نسمع بمجلس رسول الله (2). وكان مقره هذه المرة في المسجد، إذ يعقد ليلاً، لتفقد أحوال الصحابة (3). وقد يجلس الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أصحابه أوقاتاً يباسطهم ويمازحهم (4). وكان من الصحابة رجل يلقب حمار، كان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهدي له العكة من السمن أو العسل، ثم يحيء بصاحبها فيقول: اعطه الثمن يا رسول الله (5). وكان للأنصار مجالس للسمر والترويح (6)، تعرف بهم (7). وقد أقرها الرسول صلى الله عليه وسلم، على أن تكون بعيدة عن البذاء ومسابة الناس (8). وكان حسان بن ثابت، يجلس إلى أطمه، فارع، ويجلس معه أصحاب له ويضع لهم بساطاً يجلسون عليه، يتطارحون شجون الحديث ويتبادلون فنون الشعر (9). كما كان للأنصار أمكنة خاصة لتداول الراي والمشورة في الأمور الهامة والعظيمة، وتسمى السقيفة (10). كما كان لسائر المهاجرين من القبائل مجالس خاصة للسمر وتطارح الحديث، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقف عليها ويمازحهم ويضحك معهم (11).…
__________
(1) ابن كثير: البداية والنهاية، جـ3، ص197. (2) ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص68، 243. (3) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص73. (4) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص483. (5) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص351 - 352. (6) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص21. (7) الخزاعي: الدلالات السمعية، ورقة 201. (8) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص21. (9) الأصفهاني: الأغاني، جـ4، ص160. (10) ابن إسحاق: السيرة، جـ4، ص1071، ابن كثير: المصدر السابق، جـ6، ص301. السقف، بالفتح، غماء البيت، والجمع سقف. والسقيفة. كل بناء سقفت به صفة أو شبهها، مما يكون بارزاً. (انظر: ابن سيدة: المحكم، جـ6، ص147). (11) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص557.

الصفحة 114