كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

12…وكذلك إشارة أخرى، إلى منازل الوفود. وقد حاولنا إلقاء الضوء على المستوى الاقتصادي العام للسكان، مشيرين إلى مدى تذبذب هذاالمستوى، في معظم السنين. إلى أن استقر الوضع - بعض الشيء - بعد فتح خيبر وتبوك ومن ثم فتح مكة. ومن ضمن ما تناولته هذه الدراسة، خلال هذ الفصل - كما اشرنا آنفاً - موضوع الصفة (وهي ظلة في مؤخر المسجد، يأوي إليها المساكين، غالباً)، لما للصفة من أهمية في الوظائف الاجتماعية، التي تستخدف الأخذ بأيدي المعسرين والمساكين وأبناء السبيل، بغية التخفيف عنهم مما هم فيه. وكذلك تناولت هذه الدراسة، الحديث عن منازل الوفود، أو ضيوف الرسول، النازلين عليه في المدينة. وأشير ثانياً، في هذا الفصل، إلى ظاهرة اعتماد الناس في المدينة على الخدم والموالي لقضاء معظم أمورهم. وهي ظاهرة، ربما كان من أهم أسبابها، انصراف معظم المسلمين للجهاد ونشر الإسلام. ولذلك أصبح وجود الخادم، ضرورة اجتماعية لازمة. وقد أشارت الدراسة إلى نوعية أولئك الخدم، وكذلك ذكرت الأعمال التي يقومون بها في المجتمع. أما الفصل الثاني، فقد أفرد لدراسة الحالة الاقتصادية، المشتملة على، الزراعة والتجارة، والحرف والمهن العامة. وبالنسبة للزراعة، تناولنا بالدراسة، أهمية المدينة الزراعية، التي اكتسبتها نتيجة توفر تربة بركانية خصبة، إلى جانب وجود أيدي ماهرة في أمور الزراعة كما تناولنا عملية لتوسع الزراعي بعد الهجرة. وذكر دور المهاجرين في هذا. ثم عرجت الدراسة على ذكر بعض الحاصلات الزراعية في المدينة، وبيان أهميتها في توفير الطعام للسكان، وتأثيرها في سائر حياتهم الاقتصادية والاجتماعية. وبالنسبة للتجارة، فقد كان للمدينة نشاط تجاري مرموق، في الجاهلية والإسلام. وكان أبرز هذا النشاط التجاري - الذي اهتمت بتناوله هذه الدراسة - اشتمال المدينة على عدة اسواق تجارية، لتبادل أنواع البضائع والسلع فيها. وقد ذكرنا أهم هذه الأسواق، وما كانت عليه من تنظيم، وكذلك ذكرنا ما كان فيها، من بضائع وأنواع ما كان يأتيها من الخارج، وهجم هذا التبادل التجاري. كما أشير - أثناء الدراسة - إلى أسس التعامل التجاري بين السكان، وأنواع العملة والموازين والمكاييل المعروفة. اما بالنسبة للمهن والحرف العامة - وهي الفقرة الأخير في هذا الفصل - فالملاحظ - كما تشير الدراسة - أنه على الرغم من انصراف معظم السكان للاشتغال بالزراعة والتجارة، إلا أن بعضهم - وخاصة الموالي - كانوا يمارسون أنواع الحرف والصناعات العامة، جنباً إلى جنب مع اهتمامهم بشؤون الزراعة والتجارة. أما الفصل الثالث، وهو الفصل الأخير، فلقد رأينا أن يكون إطاراً جامعاً، ومختصراً وافياً، للتعرف على الطابع العام لمجتمع المدينة - خلال العصر النبوي - في النواحي العلمية والثقافية - على وجه الخصوص - لما في ذكر تلك الأمور من مساهمة، تساعد القارئ، على تكوين صورة واضحة وكاملة، عن مجتمع المدينة، موضوع الدراسة. وختاماً، أرجو من الله تعالى، أن تكون هذه المساهمة المتواضعة، في كتابة التاريخ الإسلامي، فاتحة خير لتقدم أمثال هذه الدراسات وتطورها، على أيدي طلاب العلم وخدمته، في مؤسساتنا الأكاديمية العلمية. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل،،،
عبدالله عبدالعزيز بن إدريس
الرياض: ربيع الأول 1399هـ…

الصفحة 12