كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

142…وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد عقد يوم أحد ثلاثة ألوية أحدهم للأوس بيد أسيد بن حضيرن والثاني للخزرج بيد الحباب بن المنذر، وكان لواء المهاجرين بيد علي بن أبي طالب (1). وقيل كان لواء المهاجرين بيد مصعب بن عمير بن هاشم (2). ومما سبق رأينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حاول جمع بطون القبيلة الواحدة، أو من كان ينتمي لها بالولاء، أو الحلف، بتنظيم تحت راية واحدة كالمهاجرين، وغالبيتهم من قريش أو حلفائها ومواليها، وكالأنصار وهم الأوس والخزرج. وكان لبعض الظروف السياسية يد في فصلهم إلى قيادتين في بعض الغزوات، كما رأينا في معركة أحد، حيث أن الظروف السياسية - حينذاك - لم تكن مواتية لجمع الفرعين، الأوس والخزرج، وذلك لوجود حركة انشقاق وخروج على رأي المسلمين من قبل بعض الخزرج بقيادة عبدالله بن أبي الخزرجي (3). رابعاً: الرابطة العامة بين المسلمين وهذه الرابطة تعني توحيد عامة القبائل في تنظيم حربي واجتماعي، تحتراية واحدة. وسبق أن رأينا عند تناول موضوع رابطة ذوي الأرحام، وجود اتجاه غرضه جمع البطون التي بينها صلة رحم وقربى، تحت لواء واحد، على اعتبار أنها نقلة في مراحل تنظيمات الرسول صلى الله عليه وسلم، للقبائل، المستهدفة ضم جميع القبائل تحت راية واحدة باسم الأخوة أو الرابطة العامة بين المسلمين. ويمكن القول بأن العمل قد بدأت بتطبيق ذلك التنظيم، أو عرضة للامتحان، يوم أحد، حين دمج الرسول صلى الله عليه وسلم، قيادات المسلمين الثلاث (4) في قيادة واحدة عرفت باسم راية المسلمين (5). ومنذ ذلك الوقت، عرضت لنا النصوص التاريخية عدة تطبيقات عملية أخرى، هدفها دمج مجموعات القبائل في قيادة واحدة. منها ما ذكر أن أحمس، أتوا الرسول في أكثر في خمسمائة ومعهم مائتين من قيس فتنادوا عند النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث معهم ثلاثمائة من الأنصاروغيرهم من العرب. فأوقعوا بخثعم باليمن (6). وكان اللواء، يوم خيبر، واحداً، هو لواء المسلمين تعاقب على حمله عدد من الصحابة (7). ولا نستبعد أن اللواء كان واحداً - يوم الفتح - لوجود الرسول صلى الله عليه وسلم، على رأس المسلمين (8).…
__________
(1) ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 81. (2) ابن إسحاق: السيرة، جـ3، ص586، ابن حجر: ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص421 - 422. (3) ابن الحاج: المصدر السابق، ورقة 81. (4) وتلك القيادات هي: لواء الأوس، ولواء الخزرج، ولواء المهاجرين. (انظر: ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 81). (5) النووي: تهذيب الأسماء واللغات، م1، جـ2، ص96، ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص563. (6) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص256. (7) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص387. (8) ابن إسحاق: السيرة، جـ4، ص859، ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص541.

الصفحة 142