كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

154…مساحة أكبر. فكانوا يكونون طوقاً، أحاط ببني عبد الأشهل، من الشمال والغرب والجنوب (1). بعد توسع تدريجي، اقتضته ظروف تكاثرهم. والذي ذكرناه هو استنتاج من الروايات التي ذكرها المطري، من أن دار بني عبد الأشهل، قبلي دار بني ظفر مع صرف الحرة الشرقية (2)، ومن رواية السمهودي، التي ترى أن منازل بني عبد الأشهل، كانت قريبة من منازل بني ظفر، في شاميها (3). بالإضافة إلى الرواية التي تجمع على أن مسجد بني ظفر، وهو المعروف بمسجد البغلة، كان شرقي البقيع مع طرف الحرة الشرقية (4)، أي أن منازل بني ظفر كانت تمتد أيضاً إلى الجهات الغربية لمنازل بني عبد الأشهل. وهو وضع حداً - ببعض الرواة - إلى الاعتقاد، أن دار بني ظفر وبني عبد الأشهل إنما هي دار واحدة متداخلة الأموال والمنازل. وذلك حين ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم "مر بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظفر (5) ". أما بنو حارثة، فكانت منازلهم تتسع إلى الشمال من منازل بني عبد الأشهل ومنازل بني ظفر إلى وادي قناة شمالي المدينة (6). وقد ذكر أنهم تحولوا من داره هذه إلى غربي مشهد سيدنا حمزة في الموضع المعروف بيثرب من المدينة، لنزاع بينهم وبين بني عبد الأشهل وبني ظفر (7). وتمتد منازل بني معاوية ويقال لها أيضاً قرية بني معاوية (8)، غربي منازل بني عبد الأشهل، وبني ظفر (9). ويقع مسجد بني معاوية، وهو مسجد الإجابة، شمالي البقيع على يسار طريق السالك إلى العريض.…
__________
(1) المطري: التعريف، ص78، السمهودي: الوفاء، جـ1، ص190. (2) المصدر السابق، ص78. (3) المصدر السابق، جـ1، 190. (4) المطري: المصدر السابق، ص52، العجيمي: مكة والمدينة، ورقة 47. (5) ابن إسحاق: السيرة، جـ3، ص613. (6) المطري: المصدر السابق، ص19 - 20، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص190 - 192. (7) المطري: التعريف، ص19 - 20، المرجاني: تاريخ هجرة المختار، ورقة 159، السمهودي: الوفاء، جـ1، ص190 - 192. مشهد حمزة: في محاذاة جبل أحد، من جنوبه. (انظر: الأنصاري، عبد القدوس: آثار المدينة المنورة، ص237). (8) العجيمي: مكة والمدينة، ورقة 47. (9) المطري: المصدر السابق، ص53. (10) المطري: نفس المكان. مسجد الإجابة: وهو - كما شاهدته - في شمال شرقي البقيع. وقد حاولت قياس المسافة بينه وبين البقيع، فظهر أنها تبلغ أكثر من خمسمائة متر تقريباً، حين تسلك شارع عبدالعزيز ثم تنعطف يساراً مع أول طريق فرعي لعمارة السبيعي. حيث تسير مسافة تزيد على مائتين وخمسين متراً تقريباً في طريق متعرج ثم ترى على يسارك المسجد المذكور وهو اليوم مبني على الطراز الحديث البسيط بالحديد والأسمنت والطوب الاسمنتي، ويقع وسط بيوت شعبية بين كثير من الأراضي غير المعمورة. العريض: تصغير عرض، وادي بالمدينة، في شمالها الشرقي وبه آثار كثيرة ونخيل. (انظر: العباسي: عمدة الأخبار، ص370، العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص367).

الصفحة 154