كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

155…وإلى الجنوب مما ذكرنا - من منازل بعض الأوس - تقع منطقة العالية، جنوبي المدينة، ويجري فيها - أيام الأمطار - عدة شعاب وأودية - سبق أن مررنا على ذكرها - كان من أشهرها واديي، مدينيب ومهزور، وكان عليهما منازل بني قريظة وبني النضير (1). إذ نزلت بنو النضير مذينيب، ونزلت بنو قريظة على مهزور (2). ونزل، بين اليهود على هذين الواديين، بعض بطون الأوس والخزرج مثل بني أمية بن زيد بن قيس، ودارهم كانت بالحرة الشرقية قريب العهن (3). كما نزل بينهم بنو وائل بن زيد ودارهم شرقي مسجد الفضيخ (4)، ونزل أيضاً بنو عطية بن زيد، وبنو واقف والسلم ودارهم قبلي مسجد الفضيخ المذكور (5). كما نزل في تلك الجهة بنو خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس (6). ولم تحدد مواضع منازلهم تماماً. فقد ذكر المطري أن منازلهم لا يعرف مكانها. إلا أن الأظهر، أنهم كانوا بالعوالي شرقي مسجد الشمس، لأن تلك النواحي كلها ديار للأوس وما سفل من ذلك إلى المدينة ديار الخزرج (7). بينما يرى السمهودي أن لبني خطمة أطماً كان موضعه مال الماجشون الذي يلي صدقة أبان بن أبي حدير (8). والذي يبدو لنا، أن ما ذكره المطري هو القريب إلى الصحة، على اعتبار أن قصبة دارهم كانت هناك، ثم تفرقوا عنها وبنوا خارجها. وقد أشار السمهودي إلى تلك الحادثة بقوله: وكان بنو خطمة متفرقين في آطامهم، لم يكن في قصبة دارهم منهم أحد، فلما جاء الإسلام اتخذوا مسجدهم، وابتنى رجل منهم عند المسجد مسكنه، فكانوا يسألون عنه كل غداة مخافة أن يكون السبع عدا عليه، ثم كثروا في الدار حتى كان يقال لهم غزة (9). ونستدل من قول السمهودي، أن الناس كانوا يسألون كل غداة عن الرجل، الذي بنى عند مسجد بني خطمة في قصبتهم، أن تلك المنازل كانت في…
__________
(1) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص161 - 164. (وانظر أيضاً: الفصل الخاص بعناصر السكان، موضوع اليهود). (2) ابن رسته: الأعلاق النفيسة، جـ7، ص61. (3) المطري: التعريف، ص78 - 81، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص195 - 198، العجيمي: مكة والمدينة، ورقة 50. العهن: بئر بمنطقة العالية، يزرع عليها حتى أيام المطري. وهي غزيرة الماء، لا تكاد تنزف أبداً. انظر: المطري: المصدر السابق، ص62). (4) المطري: نفس المصدر، ص78 - 81، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص195 - 198، العجيمي: المصدر السابق، ورقة 50. (5) المطري: المصدر السابق، ص78 - 81، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص195 - 198، العجيمي: المصدر السابق، ورقة 50، العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص246 وما بعدها. (6) المطري: المصدر السابق، ص80. (7) التعريف، ص80. (8) الوفاء، جـ1، ص197. مال الماجشون: ويقال الماجشونية. أو كما تعرف اليوم: المدشونية: نسبت إلى الماجشون، علم معرب: وهو موضع بوادي بطحان من المدينة، عند تربة صعيب، وهو موضع بطريق وادي بطحان مع ركن الماجشونية الشرقي، وهو على مقربة من ديار بني الحارث بن الخزرج. (انظر: العباسي: عمدة الأخبار، ص353 - 354، 408). (9) المصدر السابق، جـ1، ص198.

الصفحة 155