كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
158…البطون الأخرى تعيش حياة خوف وشك، وقد حدث أن رجلاً من بني عذارة قتل قتيلاً من بعض بطون بني مالك، فأرادت بنو بياضة أخذ الرجل من بني عذارة - عنوة - فغاضبوهم وخرجوا حتى نزلوا قباء على بني عمرو بن عوف، فحالفوهم وصاروهم (1). وقد رجح السمهودي أن دار بني بياضة كانت في شامي دار بني سالم بن عوف (2). وهذا يعني أن دار بني بياضة هي ما كان شمالي قلعة قباء مع ما يليها من الشرق جنوبي دار بني مازن (3). ومن ديار بني بياضة: نقيع الخطمات وهزم النبيت من حرتهم (4). يقول ابن إسحاق، إن أول جمعة جمعت بالمدينة في هزم بني بياضة في نقيع يقال لهنقيع الخضمات (5). وذكر من ديار بني بياضة أيضاً، قرية بني زريق، قبل سور المدينة وقبل المصلى (6). وتجدر الإشارة هنا إلى أن ابن إسحاق، قد قدم ذكر دار بني بياضة على دار بني الحارث عند وصفه لطريق الرسول من قباء (7). بينما رأى غيره أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، مر أولاً ببني الحارث ثم مر ببني بياضة (8). والذي نعتقده أن مسألة التقديم أو التأخير لذكر مرور الرسول صلى الله عليه وسلم، على بطون قبائل الأنصار حين خروجه من قباء، لا تعني بالضرورة تحديداً لمنازلهم، بقدر ما تظهر حقيقة جديرة بالملاحظة، وهي أن منازل القبائل لم تكن تخضع لحدود مرسومة بالمعنى المفهوم، حتى يمكن الجزم بأن هذه البقعة، هي منازل بني بياضة، وأن تلك هي منازل بني الحارث.…
__________
(1) السمهودي: نفس المصدر، جـ1، ص207. (2) نفس المصدر، جـ1، ص205. (3) المطري: التعريف، ص80، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص205، المرجاني: تاريخ هجرة المختار، ورقة 161، العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص100، 220 - 224. (4) المطري: المصدر السابق، ص296، الفيروز آبادي: المغانم المطابه، ص415 - 16. نقيع الخضمات: (والمطري يقول: بقيع الخطمات): بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة، والخضيمة: النبات الناعم الأخضر الغضن، والخضيمة أيضاً: الأرض الناعمة النبات، جمعوها على خطمات كأنهم أسقطوا الياء، تخفيفاً لكثرة الاستعمال. والنقيع: لغة، مستنقع الماء، والنقيع: القاع، وهو موضع قرب المدينة يقال له نقيع الخضمات، كما ذكرنا. (انظر: الفيروز آبادي: نفس المكان، العباسي: عمدة الأخبار، ص430). (6) المرجاني: تاريخ هجرة المختار، ورقة 157. المصلي: هو مصلى العيد، شرقي وادي بطحان. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يذبح أضحيته بيده إذا انصرف من المصلى، على ناحية الطريق التي كان ينصرف منها، وتلك الطرق والمكان الذي يذبح فيه، مقابل المغرب مما يلي طريق بني زريق. ومن مواضع المصلى اليوم مسجد الغمامة، في جنوب غربي المناخة، غربي المسجد النبوي. (انظر: المطري: التعريف، ص55، الأنصاري، عبد القدوس: آثار المدينة المنورة، ص222، العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص90). (7) السيرة، جـ2، ص343. (8) الديار بكري: تاريخ الخميس، جـ1، ص340.