كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
163…وقد ذكر المطري، أن دار بني دينار بن النجار، واقعة بين دار بني حديلة وبين دار بني معاوية، أهل مسجد الإجابة (1). أي أنها تمتد في الجهات الشرقية للمسجد النبوي. وكان السمهودي قد نقل عن ابن زبالة قوله: ونزل بنو دينار بن النجار، دارهم إلى خلف بطحان المعروفة بهم (2). وكان ابن زبالة يريد بقوله "خلف بطحان (3) "، الجهة الغربية لبطحان لأنها خارج باطن المدينة. واعتبر السمهودي ما ذكره ابن زبالة، أقرب وأولى بالاعتماد من قول المطري، أنها شرقي المسجد النبوي (4). ومن الآراء التي حاولت التوفيق بين ما ذكر عن دار بني دينار، ما رآه بعضهم، من أن دارهم لابد وأن تكون وسيعة من المشرق للمغرب، سعتها من الجنوب إلى الشمال. وأن بعضها لذلك في الحرة الغربية، في المواضع المعروفة بالسقيا وجبل أنعم، بالإضافة إلى موضعي نقب بني دينار، ومسجد المنارتين (5). وقد ذكر أيضاً بأن لمالك بن النضر، والد أنس بن مالك من بني حديلة، داراً في طريق مكة غربي المسجد النبوي شرقي العقيق عند مسجد السقيا (6).…
__________
(1) المصدر السابق، ص78. وقد عدهم المطري من الخزرج. وهو خطأ. والصواب أنهم بنو معاوية بن مالك بن عوف بن عمرو بن عوف من الأوس. (انظر: نفس المكان، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص195). (2) نفس المصدر، جـ1، ص213. (3) السمهودي: نفس المكان. (4) نفس المكان. (5) انظر: العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص185. السقيا: بالضم ثم السكون، تأنيث اسم من سقاه الغيث وأسقاه، وهو اسم بئر بالمدينة يقال لأرضها الفلجان، بضم الفاء، في بني حديلة، في دار مالك بن النضر، والد أنس بن مالك، في طريق مكة، غربي المسجد النبوي، شرقي العقيق، عند مسجد السقيا، في بيوت السقيا. (انظر: العباسي: عمدة الأخبار، ص336). وبيوت السقيا: هي البقع، والبقع: نقب بني دينار الآتي ذكره. (انظر: الواقذي: المغازي، ص12، ط1). جبل أنعم: بفتح العين. وقيل بضم العين. ويعرف أيضاً باسم الجبل الأحمر، وراء مسجد المنارتين. (انظر: العباسي: المصدر السابق، ص238). مسجد المنارتين: من طريق العقيق الكبير. وهو بين السقيا وبركة وبيك، وشرقي البركة جبل أنعم الأحمر. وهذا المسجد مربع، سبع أذرع في سبع طولاً وعرضاً. وبينه وبين الطريق سبعة أذرع. وا بقي منه (عام 972هـ) إلا مكان المنارتين، وشيء من الأحجار، ومن بناء المسجد قدر ذراع باق من كل الجهات. ومحرابه وبابه بين. (انظر: العباسي: نفس المصدر، ص197). نقب بني دينار: النقب: الخرق في الجلد أو الجدار أو نحوهما. والمنقب: الطريق الضيق في الجبل. (انظر: مجموعة من المؤلفين: المعجم الوسيط، جـ2، ص952، مادة نقب). ونقب بني دينار: في منطقة السقيا - الآنفة الذكر - ويقال له: نقب المدينة، وهو في طريق العقيق بالحرة الغربية، وبه السقيا. (انظر العباسي: المصدر السابق، ص432). وقد سلك الرسول صلى الله عليه وسلم، نقب بني دينار على رأس ستة عشر شهراً من الهدرة، يوم غزوة ذات العشيرة، يعترض لغيرات قريش حين أبدأت إلى الشام. (انظر: الواقدي: المصدر السابق، جـ1، ص12 - 13)، طبعة أكسفورد). وقد أتيحت للباحث، عام 1398هـ فرصة، زار خلالخا جهات السقيا. وقد ذكر أن هناك منازل بني دينار، إلا أن الباقي من حصونهم لا يعدو كونه بعض الركام من الأحجار البركانية، التي لا يمكن تمييزها - لأول وهلة - عما حولها من أرض الحرة. وتلك الأطلال - تقوم اليوم - جنوب غربي المدينة، وجنوب محطة السكة الحديد على طريق عروة المسفلت، وهذا الخط هو حدها الشمالي. أما الجبل الأحمر، فيقع اليوم جنوب غرب محطة السكة الحديد، على بعد أقل من كيلومتر - تقريباً - على يسار الخارج من المدينة في طريق عروة. وهو جبل صغير هرمي الشكل، فوقه خزان ماء تابع للعين الزرقاء. وبإمكان الواقف - فيما يسمى منازل بني دينار، بالسقيا - أن يرى هذا الجبل الصغير ماثلاً أمام ناظرهز (6) العباسي: عمدة الأخبار، ص336.