كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

164…ولعلنا من تلك الأقوال - عن وجود دور لبني دينار وبني حديلة في جها متعددة من المدينة - نستنتج أن القبائل القاطنة في باطن المدينة، قد يكون لبعضها أموال وتحصينات في أطراف المدينة. وقد تكون تلك الأموال داخل دور قبيلة أخرى، خصوصاً، وأن القبائل - حينذاك - كانت تتعامل بالحصون والأطام، وكأنها أشياء منقولة. فقد تجعل دية القتيل من القبيلة الأخرى، أطماً في منازلها (1). ومن ذلك نرى أنه من غير المستبعد أن يكون لبني دينار أموال غربي وادي بطحان - كما أسفلنا القول - وهي دارهم الأصلية، جوار بني حديلة، حيث تغطي الجهات الشمالية والشرقية، وربما الجنوبية للمسجد النبوي. وذكر أن دار بني مبذول، واسمه عامر بن مالك بن النجار، كائنة غربي دار بني دينار، في شرقي الدور التي تلي قبلة المسجدة النبوي (2). أي جنوبي المسجد. ومن خطط الأنصار في الجهة الشمالية الغربية لجبل سلع إلى سند الحرة الغربية، خطط بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن شاردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج (3)، وخطط بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة (4)، وخطط بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة (5)، وخطط بني حرام (6). وجهتهم من أكثر جهات المدينة وفرة في المياه، لمرور أودية العقيق وبطحان وقناة خلالها (7). وهذه المنازل غطي في معظمها الجهات المعروفة قديماً باسم يثرب - كما مر بنا - وكانت تعد من أهم قرى المدينة (8). وكانت دار بني سلمة بن سعد، ما بين مسجد القبلتين (9)، إلى المذاد، أطم بني حرام في سند الحرة الغربية (10).…
__________
(1) ذكر في هذا المجال، أن أطم الخصي: وهو فعيل من خصاه. ابتناه بنو السلم من الأوس، شرقي مسجد قباء، ثم صار بعد لبني المنذر في ديه جدهم. (انظر: الفيروز آبادي: المغانم المطابة، ص13). (2) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص212 - 13. (3) السمهودي: نفس المصدر، جـ1، ص201. (4) السمهودي: نفس المكان. (5) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص202. (6) السمهودي: خلاصة الوفاء، ص391. (7) المطري: التعريف، ص53 - 54، السمهودي: الوفاء، جـ4، ص1332. (8) المطري: المصدر السابق، ص19. (9) السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص201. مسجد القبلتين: يبعد عن مسجد الفتح (القائم على سفح جبل سلع في ناحيته الغربية) منن جهة الغرب، على رابية على شفير وادي العقيق، وحوله خراب عتيق على الحرة، ويعرف موضعه بالقاع، وحوله آبار ومزارع تعرف بالعرض في قبلة مزارع الجرف. (انظر: المطري: المصدر السابق، ص54). أما الجرف: بالضم ثم السكون، موضع على ثلاثة أميال من المدينة من جهة الشمال. وسمي بالجرف لأن تبعا مر به فقال: هذا جرف الأرض، وذلك حسب طريقة المؤرخين القدماء في تفسير الأسماء، وكان اسم الجرف قبل ذلك، العرض. (انظر: العباسي: عمدة الأخبار، ص288). (10) السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص201. المذاد: هي كل ما في غربي مجري وادي بطحان، مما يلي مسجد الفتح. انظر: العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص47). مسجد الفتح: على قطعة من جبل سلع من جهة الغرب. (انظر: المطري: المصدر السابق، ص53، الأنصاري، عبد القدوس: آثار المدينة المنورة، ص125 - 27).

الصفحة 164