كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

17…
أولاً: الجغرافية التاريخية للمدينة مع الإشارة لأسمائها
حينما عزم الرسول صلى الله عليه وسلم على الهجرة إلى المدينة مع أصحابه، بعد تزايد أذى قريش ووقوفهم أمام نشر الإسلام في مكة قال لأصحابه: "قد أريت دار هجرتكم أريت سبخة ذات نخل بين لابتين (1) "، أو كما قال: "رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلى إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب (2) ". ومقتضى ما ذكر أن المدينة كانت مشتهرة قديماً بين العرب بحرارها وكثرة نخيلها (3). وأنها كانت مؤهلة لأن تكون قاعدة الإسلام، ولذلك أدرج الرسول صلى الله عليه وسلم اسمها بين بعض المدن العربية الزراعية (4). وكانت المدينة إحدى مدن الحجاز الجديرة بالذكر (5). وقد اعتبرها بعض الجغرافيين العرب، إحدى أقسام جزيرة…
__________
(1) ابن كثير: السيرة النبوية، جـ2، ص213. (2) ابن كثير: نفس المكان، الديار بكرى: تاريخ الخميس، ص320. اليمامة: منطقة واسعة في نجد وسط الجزيرة العربية وتشمل منطقة حجر (الرياض حالياً)، والسهباء والسيح الكبير والخرج ونساح والعارض وأودية نعام وغيرها. واليمامة حصون متفرقة ونخل ورياض وزروع، وأشهر قبائلها بنى حنيفة وبني تميم. وفي بلادهم النخيل والقرى والزروع والآبار. (انظر: الهمداني: صفة جزيرة العرب (تحقيق الأكوع)، ص279 - 285. هجر: مدينة البحرين أي منطقة الساحل الشرقي للجزيرة العربية، وهي سوق بني محارب من بني عبد القيس. ومنازلها ما دار بها من قرى البحرين والقطيف من قراها وهي موضع نخل وقرية عظيمة الشأن وهي ساحل، ثم العقير من دونه وهو ساحل أيضاً وقرية دون القطيف وبه نخل، والنباج بلاد كيرة القرى ويقال له: نباج بني عامر وهي عيون تنبج بالماء ونخيل وزروع. (انظر: الهمداني: نفس المصدر، ص279 - 280). (3) العيني: عقد الجمان، جـ1، ورقة 32 (مكتبة طبقبو، باستانبول)، حتى: تاريخ العرب، جـ1، ص146. (4) وروى عن طلحة بن عبيد الله التيمي أنه حين حضر سوق بصرى سمع من راهب في صومعته يبشر بظهور الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأن مهاجره إلى نخل وحرة وسباخ (انظر: ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص214 - 215). (5) حتى: تاريخ العرب، جـ1، ص143. الحجاز: بالكسر وآخره زاي وإنما سمى حجازاً لأنه حجز بين تهامة، وهي السهول المنخفضة على ساحل البحر الأحمر، وبين مرتفعات نجد شرقاً. (انظر: ياقوت: معجم البلدان، جـ2، ص218 - 220، مادة حجاز، الهمذاني: مختصر البلدان، ص26 - 27، حتى: تاريخ العرب، جـ1، ص142 - 143)، وقد اختلف الجغرافيون العرب اختلافاً كبيراً في تعريف الحجاز وتحديده، إلا أنهم مع ذلك، يجمعون - تقريباً - على أن الحجاز، هو جبل السراة، الذي يمتد من حدود اليمن إلى بادية الشام، فيحجز بين تهامة وبين نجد (انظر: الوهيبي، د. عبدالله: الحجاز كما حدده الجغرافيون العرب، بحث نشر في مجلة كلية الآداب - جامعة الرياض، م1، السنة الأولى، 1390هـ / 1970م، ص53 - 70).

الصفحة 17