كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
170…الجنوبية، حيث بدأ النباء حولها، ثم الشرقية فالشمالية (1). وهي غير ملتصقة بجدار المسجد، إذ أن أبوابها كانت شارعة (2) فيه. وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج علي رضي الله عنه، تسكن أحد البيوت الملاصقة لبيوت أبيها في الجهة الشرقية (3). وحين خط الرسول 0ص)، الدور، حول المسجد لم يخط - بادئ الأمر - لمعظم المهاجرين الوائل، فظلوا نازلين في خطط الأنصار بعالية المدينة وبقباء، كل على من نزل عنده (4). ويذكر ابن سعد. أن المقداد بن عمرو وخباب بن الأرت، لما هاجرا إلى المدينة، نزلا على كلثوم بن الهدم فلم يبرحا منزله حتى توفى، قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى بدر بيسير، فتحولا، فنزلا على سعد بن عبادة، فلم يزالا عنده، حتى فتحت بنو قريظة (5). وكان أبو بكر الصديق قد نزل على خارجة بن زيد بن أبي زهير، في بني الحارث بن لخزرج بالسنح وتزوج ابنته، ولم يزل فيهم حتىتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم (6). كما نزل بعض بني زهرة في بني عمرو بن عوف، في قباء (7).…
__________
(1) مجهول: المصدر السابق، ورقة 7. وكانت أبيات النبي صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى ما ذكر متسمة بالبساطة، ومنها أربعة بلبن لها حجر من جريد، وخمسة أبيات من جريد مطينة لا حجر لها، على أبوابها مسوح الشعر. وقد ذرع ذلك الشعر فوجد أنه ثلاثة أذرع في ذراع. (انظر: ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص499 - 500، العدوي: أحوال مكة والمدينة، ورقة 135 - 37). (2) العدوي: نفس المكان. ومما يجدر ذكره هنا، أن أحد المهتمين بدراسة العمارة الإسلامية، قد التبس عليه الأمر بشأن طريقة بناء حجرات النبي صلى الله عليه وسلم فوهم أنها في جهة واحدة، هي الجهة الشرقية فحسب. (انظر: شافعي، د. فريد: العمارة العربية، جـ1، ص64 - 67). كما وقع في خطأ جسيم، حين اعتبر المسجد النبوي عبارة عن قصر كبير بناه النبي صلى الله عليه وسلم، لنفسه ولآل بيته. حيث يتكون - كما يرى - من حجرات يتقدمها فناء واسع أحاطه بجدران لا تكاد تعلو على قامة الرجل، وجعل في إحدى أركانه صفة أو ظلة، يحتمي بها الفقراء من أصحابه. (انظر: شافعي، د. فريد: نفس المكان). والذي يبدو لنا أنه أراد بهذا التصوير المتعسف، تبرير فكرته، التي تذهب إلى أن بناء المسجد، والبيوت التي حوله، إنما كانت عن تخطيط مسبق. فرأى - فيما يبدو - أن فكرته تلك، قد لا تستقيم، ما لم يؤكد أن البناء قد تم في وقت واحد. على أساس أن الغرض الأول هو بناء دار لنفسه، أما فكرة تحويله إلى مسجد، فإنها لم تظهر إلا بعد تحويل القبلة. (انظر: شافعي، د. فريد: نفس المصدر، ص65). والشواهد التي بين أيدينا والتي مرت بنا، خلال هذا البحث، تؤكد جميعها، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكر في بناء المسجد، بمجرد أن حط رحاله على بني النجار. وكانت بعض النصوص تذكر أن موضع مسجده قد اتخذه بعض الأنصار موضعاً لصلاتهم، قبل قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم مهاجراً. (انظر: مجهول: في سيرة الرسول، ورقة 4). (3) مجهول: نفس المصدر، ورقة 7، المطري: التعريف، ص36 - 37. (4) المقريزي: إمتاع الأسماع، جـ1، ص50. ومن هؤلاء المهاجرين، الذين ظلوا نازلين في خطط الأنصار، نذكر بعض من نبه ذكره مثل: أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ومولاه سالم. وعتبة بن غزوان بن جابر بن وهب، حليف بني نوفل بن عبد مناف. والزبير بن العوام بن خويلد. وحاطب بن أبي بلتعة، وسعد مولاه، وهم حليفان لبني أسد بن عبد العزي بن قصي، وغيرهم. (انظر: ابن سعد: الطبقات، جـ3، في أماكن متفرقة). (5) نفس المصدر، جـ3، ص165 - 166. (6) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص174. ويذكر أيضاً، أن لأبي بكر، داراً قريبة من بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، في شرقي المسجد، أقطعها الرسول صلى الله عليه وسلم، أبا بكر. (انظر: السمهودي: الوفاء، جـ2، ص718 - 19). وموضع دار أبي بكر تلك، في شارع الملك عبد العزيز، اليوم، وقد أدخل جزء منها في الرحبة المقابلة لباب النساء. (انظر: الأنصاري، عبد القدوس: آثار المدينة المنورة، ص37). (7) ذكر أن سعد بن أبي وقاص بن عبد مناف بن زهرة وعمير أخوه، لما هاجرا من مكة إلى المدينة، نزلا في منزل لأخيهما عتبة بن أبي وقاص وكان بناه في بني عمرو بن عوف وحائط له. وكان عتبة أصاب دماً بمكة فهرب، فنزل في بني عمرو بن عوف، وذلك قبل يوم بعاث. (انظر: ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص139).