كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

190…وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد أخذ الجزية من مجوس هجر ومجوس أهل اليمن، ففرض على كل من بلغ الحلم من مجوس اليمن من رجل وامرأة ديناراً (1). وكان كتاب الصلح بين عامل الرسول صلى الله عليه وسلم، على البحرين، العلاء بن الحضرمي، وأهل البحرين، قد نص على أن يكفوا المسلمين العمل، لانشغالهم بنشر الإسلام، على أن يقاسموهم التمر. واما المسجد، وكان أكثر مال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى الصلاة ولم يلتفت إليه، فلما قضى الصلاة، لأصحابه، لقاء ما عانوه، مع بدء الهجرة، من مشقة، وما تحملوه من التزامات وخسائر مادية. ولذلك يروي أن العباس جاءه - حينذاك - فقال: يا رسول الله أعطني فإني فاديت نفسي وافديت عقيلاً. فقال له الرسول (ص): خذ. فحثا في ثوبه، ثم ذهب يقله فلم يستطع، من كثرة المال حتى نثر منه (4). وقد أصبح لزيادة نسبة دخل المدينة مردود إيجابي، على المستوى الاقتصادي والمعيشي، ازداد على أثره المال بين أيدي الناس، بشكل سريع وكبير (5). مثلما حصل لأحدهم، حين استدان، ثم جاءه الغني سريعاً، غير أن الموت عاجله قبل القضاء (6). وذلك قد أوجد - فيما يبدو - لصاحب المال منزلة مرموقة في المجتمع المدني، واعتبروا غيره مفلساً أو صعلوكاً (7). ويبدو أن الناس قد طاب هلم التنافس على جمع المال والمفاخرة في ذلك ما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ينهي عن التبقر في الأهل والمال. قيل له وما التبقر؟ قال (8) الكثرة. ومما ساعد أيضاً، على تدفق الأموال في أيدي الناس، اشتغال…
__________
(1) البلاذري: نفس المصدر، جـ1، ص86. (2) وكان بالبحرين، خلق كثير من العرب، من عبد القيس وبكر بن وائل وتميم، مقيمين في باديتها. (انظر: البلاذري: نفس المصدر، جـ1، ص95). (3) انظر: الخزاعي: الدلالات السمعية، ورقة 170. (4) الخزاعي: نفس المكان. (5) ومما نستدل به على تدفق المال في أيدي الناس بشكل سريع بعد عسرة، ما ذكر من أن سعد بن الأطول الجهني قال: إن أخاه يساراً مات وخلف ثلاثمائة درهماً وعيالاً. قال: فأردت أن أنفقها علىعياله. فقال النبي (ص): إن أخاك محبوس بدينه فاقض عنه. (انظر: ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص665). وقيل إن رجلاً، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، من عامة المسلمين، يقال له الهامة، كان يذكر من كثرة ماله. (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص594). وذكر إن ثعلبة بن عمرو بن عبيد أحد بني مالك بن النجار، وكان بدرياً، عاش حتى أعطى علياً، يوم الجمل مائة ألف درهماً أعانه بها. (انظر: السخاوي: التحفة اللطيفة، جـ1، ص389). (6) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص665. (7) مسلم: الصحيح، جـ4، ص1997. وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أتدرون ما الصعلوك؟ قالوا: الذي لا مال له. قال: الصعلوك الذي له مال لم يقدم منه شيئاً. (انظر: ابن حجر: الإصابة، جـ4، ص52). والصعلوك في اللغة أيضاً، الذي لا مال له. وقد تصعلك. وفي هذا يقول حاتم طيء: غنينا زمانا بالتصعلك والغنى فكلا سقاناه بأسهما الدهر (انظر: ابن سيدة: المحكم، جـ2، ص295، ط1، تحقيق عبد الستار فراج، القاهرة، 1377هـ). (8) ابن حجر: المصدر السابق، جـ4، ص4.

الصفحة 190