كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
194…فلا أشك أنه سمع ما لم نسمع (1) وقد زاد عدد عدد أهل الصفة على مائة رجل (2). وقيل أن أهل الصفة كانوا إذاأمسوا انطلق الرجل من الصحابة بالواحد منهم والرجل بالاثنين والرجل بالجماعة للعشاء. فأما سعد بن عبادة، سيد الخزرج، فكان يعشي كل ليلة، ثمانين من أهل الصفة (3). ومما تجدر الإشارة إليه، أن إقامة الصحابة في الصفة، لم تكن دائمة. فكانوا يكثرون ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر (4).
وكانوا من عدة قبائل عربية، وكان فيهم بعض الموالي (5).
منازل الوفود
والذي يبدو لنا، أن الصفة كانت تؤدي خدماتها كاملة، إلى أن بدأ تتابع الوفود على المدينة، بالشكل الكبير الذي استلزم - ولا ريب - التفكير في إيجاد مكان واسع يكون بديلاً للصفة ويستوعب الإعداد الكثيرة للوافدين والمهاجرين الجدد، ويضمن تقديم واجبات الضيافة لهم. وكانت إرهاصات ذلك التفكير، قد ظهرت، فيما رواه أهل السير، منأن أحد الصحابة (محمد ابن سملمة الأنصاري) رأى أضيافاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، في المسجد. فقال: "ألا تفرق هذه الأضياف في دور الأنصار، ونجعل لك من كل حائط (بستان أو نخل) قنوا ليكون لمن يأتيك من هؤلاء الأقوام؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم بلى (6). وكانت الخطوة الثانية لحل مسألة إنزال وفود وأضياف الإسلام المتزايد…
__________
(1) الذهبي: سير أعلام النبلاء، جـ1، ص24. وطلحة، هو ابن عبدالله بنعثمان بن عمرو القرشي التيمي. أحد العشرة المبشرين بالجنة. وأحد الثمانية، الذين سبقوا إلى الإسلام، مات سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستون سنة. (انظر: ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص229). (2) السمهودي: الوفاء، جـ2، ص453. (3) ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص30. وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يفرق أهل الصفة على أصحابه، وتتعشى طائفة منهم معه، حتى جاء الله تعالى بالغنى (انظر: ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص255). (4) مجهول: في سيرة الرسول، ورقة 7. (5) وممن عد في أهل الصفة عدا من مر ذكرهم: أسماء بن حارثة بن سعيد الأسلمي، وأوس الثقفي، وبلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق، وثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجابر بن حميل الأشجعي، والأسفع البكري، وجرهد بن خويلد الأسلمين والحارث بن نبيه، وعرباض بن سارية السلمي، وغرقة الأزدي، وهلال، مولى المغيرة بن شعبة وغيرهم. (انظر: ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص256، السخاوي: التحفة اللطيفة، جـ1، ص335، 371، 381 - 86، المرجاني: تاريخ هجرة المختار، ورقة 131، ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص36، 39، 231، 291، 511، جـ2، ص5، 235، 419، 473، جـ3، ص185، 608 وفي أماكن متفرقة). (6) ابن النجار: الدرة الثمينة، ص72 - 73. ونحب أن نشير إلى أن ابن سعد وابن حجر، لم يذكرا شيئاً عن أمر وضع الأقناء في المسجد. وقد، رجحنا أنه هو المذكور في الرواية على اعتبار إنه لم يكن في الصحابة، ممن ذكرهم ابن سعد أو ابن حجر، أحد بهذا الاسم، سوى محمد بن مسلمة الأنصاري، الذي ولد قبل البعثة النبوية البثنتين وعشرين سنة. (انظر: الطبقات، جـ3، ص443 - 445، الإصابة، جـ3، ص383 - 84). والقنو: هو العذق بما فيه من الرطب، والجمع أقناء. (انظر المرجاني: تاريخ هجرة المختار، ورقة 130 - 31، مجموعة من المؤلفين: المعجم الوسيط، جـ2، ص770).