كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
198…ظبية، فأمر له بصاع من تمر. وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه (1). وقد قيل أن الزبير بن العوام كان له ألف مملوك، يؤدون إليه الخراج (2). وذكر أن رجلاً، في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعتق عبيداً له، ستة، عند موته. فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينهم، فأعتق ثلث تلك العبيد ولم يكن لذلك الرجل مال غيرهم (3). ويبدو أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أراد بذلك أن لا ينقطع مورد رزق من كان يعيهلهم ذلك الرجل من ورثته، حين يعتق كل عبيده. على أن ما سبق ذكره، لا يعني أن المولى أو العبد كان لا يعمل أبداً لصالح نفسه. حيث ذكر أن سعد بن عائذ مولى عمار بن ياسر، اشتكى إلى النبي قلة ذات يده، فأمره بالتجارة، فخرج إلى السوق فاشترى شيئاً من القرظ، فباعه فربح فيه (4). وقد اتجه الناس، في المجتمع المدني - كما سبق أن ذكرنا - إلى الإكثار من استخدام المخصيين والمحبوبين وكذلك المخنثين، للخدمة في البيوت، مراعاة لتقاليد الإسلام، التي كانت لا تبيح الختلاط بين الناسء والرجال، إلا إذا أمنت الفتنة. ومن أجل ذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم، يعين بعض الصحابة ليحدو بالرجال، وكان أنجشة الأسود - وهو من المخنثين - يحدو بالنساء (5). فإذا أعنفت الإل قال النبي (ص): يا أنجشة رويدك سوقك بالقوارير (6). وكان ماتع، أحد هؤلاء، هو وآخر، اسمه هيت، في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، يقومان بالخدمة بين نسائه (7). ويذكر أن آنة المخنث، كان يأتيه الشخص، إذا أراد أن يتزوج، ليدله على امرأة يخطبها، غذ كان مطلعاً على مساوئ ومحاسن النساء وعارفاً بهن، لملازمته لهن في البيوت (8). وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بإخراج آنه المخنث من المدينة (9)، لتلك الخلة فيه وكشفه لأسرار النساء، والتشبب بهن. وبالإضافة إلى ما ذكر، استعين بالغلمان الصغار الذين لم يحتلموا بعد، لخدمة في البيوت بين النساء (10). كما…
__________
(1) وقوله من خراجه: ما يقرره السيد - حينذاك - على عبده أن يؤديه إليه كل يوم أو شهر أو نحو ذلك. (انظر: مالك المصدر السابق، جـ2، ص974). (2) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص546. وقد شهد الزبير بن العوام بدراً، وقتل سنة ست وثلاثين من الهجرة، بعد أن انصرف يوم الجمل. (انظر: ابن حجر: نفس المكان). (3) مالك: المصدر السابق، جـ2، ص774. (4) ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص29. (5) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص67 - 68. والخصي: هو فاقد الخصيتين مع بقاء الذكر، والمجبوب هو الذي استؤصل ذكره وخصياه، وقد جب جبا. (انظر: ابن منظور: لسان العرب، جـ1، ص392). والمخنث: هو من يشبه خلقة النساء في حركاته وكلامه، وكان فيه لين وتكسر، ولا يشتهي النساء. (انظر: الكتاني: التراتيب الإدارية، جـ2، ص441). (6) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص67 - 68. (7) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص335 - 36. (8) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص75. (9) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص75. (10) ومن أولئك: إبراهيم، مولى أم سلمة كان عبداً يعمل في بيت أم سلمة فلما بلغ مبالغ الرجال أعتقه الرسول (ص). (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ4، ص2). وكان بكر بن الشداخ الليثي، ممن كان يخدم الرسول صلى الله عليه وسلم، في بيته، وهو غلام صغير، فلما احتلم أعلم الرسول صلى الله عليه وسلم، بذلك فدعا له. (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص164).