كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

203…
أولاً - الزراعة
لقد ساعد تطويق الجبال والحرار البركانية لموقع المدينة المنورة، على جعل تربتها جيدة الخصوبة (1)، كما عمل ذلك التكوين، الذي يشبه الحوض الجبلي (2)، على حجز المياه الجوفية العذبة، مما جعل في الاستطاعة الوصول إليها، في أي بقعة من ذلك الحوض، عند حفر الآبار (3). وقد تضافرت تلك العوامل، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الأودية التي تسيل على سطحها، في وقت الأمطار والسيول من تلك الجبال والحرار (4)، على جعل المدينة - في المقام الأول - مدينة الزراعة والمزارعين (5). إذ أن معظم أهل المدينة، كانوا يملكون البساتين وحدائق النخيل، وكانوا يعملون فيها بأنفسهم (6)، يستوي في ذلك الصغير والكبير (7). وكانت بساتين أهل المدينة، وحدائقهم، تعرف بالحوائط (8). وهي لم تكن - في أغلب الأحيان - كبيرة المساحة،…
__________
(1) Brita; Ency. Vol. 15. P. 206. (2) Brita; Ency. Loc. Cit. (3) ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص31، المقدسي: أحسن التقاسيم، ص80، المطري: التعريف، ص56 - 62، Brita; Ency. O.p.cit, p. 206 (4) اليعقوبي: البلدان، ص72، المطري: المصدر السابق، ص63. (5) ياقوت: معجم البلدان، جـ5، ص82 - 86، الكتاني: التراتيب الإدارية، جـ2، ص43 - 44، Brita; Ency. O.p.cit, p. 207 الشريف: مكة والمدينة، ص356. (6) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص361 - 63، الطبري: جامع البيان، جـ2، ص593، مالك: الموطأ، جـ2، ص592. (7) ذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، لما رجع من غزوة تبوك، استقبله سعد بن معاذ، سيد الأوس فقال: ما ها الذي أرى بيدك يا سعد؟ قال: من أثر المسحاة، أضرب وأنفق على عيالي. (انظر: ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص38). (8) ابن إسحاق: السيرة، جـ3، ص606، الكتاني: التراتيب الإدارية، جـ1، ص401، جـ2، ص47. والحوائط: مذكره، في معنى الحدائق، ومعنى الجنات. والحائط، هو الحديقة من النخل، وهو أيضاً الجدار، لأنه يحوط ما فيه، والجمع حيطان، وحوط حائطاً، عمله. فسميت الحديثة حائطاً من هذا إنه يحوطها. (انظر: المطري: التعريف، ص58، الخزاعي: الدلالات السمعية، ورقة 157).

الصفحة 203