كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

204…وربما كان متوسطها مائة ذراع في مثلها (1). ويشتمل الحائط - غالباً - على بئر خاصة به، إلى جانب أطم يكون جواره، لتوفير الحماية (2). بل إن بعضهم - زيادة في الحيطة والحذر - لم يجعل لحائطه أي باب ظاهر، سوى فتحة صغيرة حداً، يدخل منها إلى جوف الحائط جدول ماء صغير من إحدى الآبار القريبة منه، وكانوا يسمون لك الجدول ربيعاً (3)، ومعظم إنتاج تلك الحوائط، كان للاستهلاك الشخصي، وأحياناً، كان الرجل يبيع ثمر حائطه، ويحتفظ بما يكفي قوت عياله (4). وربما عمل الرجل الذي ليس لديه حائطاً خاصاً به، في حيطان أهل المدينة بأجر معلوم من التمر (5). وقد يعمد صاحب الحائط إلى إعطاء حائطه لشخص، يزرعه ويسقيه ويتعهده مقابل ربع الثمرة أو ثلثها أو نصفها أو أقل من ذلك أو أكثر وهي طريقة تعرف بالمزارعة (6). وكانوا يعتمدون في سقيا حوائطهم، على مياه الأودية (7)، أو مياه الآبار (8). حيث يرفعونها، مستخدمين الإبل النواضح (9). كما استخدموا البقر لحرث أراضيهم (10). وقد اتبعت وسائل عديدة، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لحث الناس على الزراعة والإقبال على ممارستها. فكان العرف السائد، أن من أحيا أرضاً ميتة فهي له (11). هذا بالإضافة إلى التوسع في إقطاع الأراضي الزراعية لمعظم المهاجرين، في وادي العقيق (12)، وفي منطقة العالية (13). ويذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أعطى أحد المهاجرين من حرة…
__________
(1) ذكر أن مساحة موضع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، لم تزد على المائة ذراع في مائة، وكان قبل ذلك حائطاً لبني النجار. (انظر: الطبري: تاريخ، جـ2، ص397، السمهودي: الوفاء، جـ1، ص1، ص322 - 34). (2) المطري: المصدر السابق، ص58. (3) مسلم: الصحيح، جـ1، ص59 - 60. (4) مالك: الموطأ، جـ2، ص621 - 22، ابن حجر: الأصابة، جـ2، ص38. (5) الطبري: جامع البيان، جـ2، ص166 - 67. (6) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص221، ابن سيده: المحكم، جـ3، ص1. (7) مالك: الموطأ، جـ2، ص592. (8) ابن حجر: المصدر السابق، جـ4، ص96. (9) مسلم: الصحيح، جـ1، ص56، ابن حجر: المصدر السابق، جـ4، ص96، الكتاني: التراتيب الإدارية، جـ2، ص47. والإبل النواضح، هي التي يستقي عليها. الذكر منها ناضح والأنثى ناضحة. (انظر: مسلم: المصدر السابق، جـ1، ص56، وانظر الهامش رقم 2، نفس المكان). (10) الكتاني: المصدر الاسبق، جـ2، ص46. (11) مالك: المصدر السابق، جـ2، ص743. (12) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص205. (13) البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص22.

الصفحة 204