كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

206…الهجرة (1). وكان يزرع تحت النخل، في أرض تلك الأموال، فيدخر من ذلك، قوت أهل وأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة. وما فضل، جعل الكراع والسلاح (2). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، قد أقطع بعض المهاجرين واثنين من الأنصار، بعض أراضي بني النضير (3). وتعد النخلة، أهم الأشجار المرزوعة في المدينة، وأكثر أموال أهلها (4)، ومنها معاشهم وأقواتهم (5). وقد بلغ من أهمية زراعة النخلة، على عهد، الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن أصبح من حق العبد أن يكاتب صاحبه على عدد من النخل يحييها له بالفقير (6). وكانوا يتخذون من جريدها وجذوعها سقوفاً وأعمدة لبيوتهم (7)، هذاإلى جانب انتفاعهم بأليافها وخوصها في صنع المكاتل والقفف والحصر، ونحو ذلك (8). وكان ثمر النخلة، أهم الثمار لدى أهل المدينة، وآخره لديهم، فكانوا إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه قال: اللهم بارك لنا في تمرنا (9). وتمر المدينة أصناف كثيرة جداً منها الأسود والأحمر (10). واشهر أصنافه، على عهد الرسول (ص): العجوة، وعذق زيد (11). وكان محصول التمر يكفي حاجة السكان - في غالب السنين - ولذلك كانوا يبيعون منه الفائض، بسعر أغلى من السعر الذي يشترون به القمح المستورد من الشام (12). ويعود سبب ذلك إلىكون التمر عماد معيتهم، ولأن زراعته، كانت تكلفهم كثيراًمن الجهد والوقت. ويذكر أنه ربما أصاب نخلهم آفات زراعية مثل القشام، فيذهب ثمرتهم تلك السنة (13).…
__________
(1) ابن إسحاق: نفس المصدر، جـ3، ص682. (2) البلاذري: المصدر السابق، جـ1، ص18. (3) البلاذري: نفس المصدر، جـ1، ص18 - 22. (4) البلاذري: نفس المصدر، جـ1، ص18 - 22. اليعقوبي: البلدان، ص73. (5) ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص406 - 407، اليعقوبي: المصدر السابق، ص73. (6) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ1، ص144. والفقير للنخلة، الحفيرة، وإذا خرجت النخلة من النواة، فهي عريسة، ثم يقال لها: ودية، ثم فسيلة، ثم إشاءة، فإذا أتت اليد فهي جبارة، وهي العضيد، والكتيلة. ويقال للتي لم تخرج من النواة، لكنها اجتثت من جنب أمها. قلعة وجثيثة، وهي الجثائث، والهراء، ويقال للنخلة الطويلة: عوانه، بلغة عمان، وعيدانه بلغة غيرهم، وهي فيعاله من عدن بالمكان أقام به. (انظر: السهيلي: الروض الآنف، جـ1، ص250 - 51). (7) مجهول: في سيرة الرسول، ورقة 5. (8) ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص491، البخاري: الصحيح، جـ1، ص72، الشريف: مكة والمدينة، ص357. (9) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص53. (10) الكاني: التراتيب الإدارية، جـ2، ص53. (11) البخاري: المصدر السابق، جـ3، ص59. والعجوة، ضرب من أجود التمر بالمدينة. والعجوة أيضاً، ما يخلط من التمر بعضه ببعض ويركم. أماعذ زيد، فإن العذق، كل غصن له شعب، وهو هنا قنو النخلة. (انظر: مجموعة من المؤلفين: المعجم الوسيط، جـ2، ص593، 596). (12) الكتاني: المصدر السابق، جـ2، ص52 - 53. (13) ابن سعد: المصدر السابق، جـ1، ص409. والقشام، شيء يصيب البلح، بمثل الجدري، فيقيّر. (انظر: ابن سعد: نفس المكان).

الصفحة 206