كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

208…كما زرعوا بعض الخضروات والبقول، مثل القثاء والدباء، وهي نوع من القرع، والبصل والثوم (1)، والجزر (2). ومما ساعد على انتعاش الزراعة وتقدمها - بشكل واسع - في المدينة، وجود عدد كبير من المهاجرين عملوا في الزراعة واستغلوا الأراضي الزراعية الواسعة، واستصلحوا ما كان حول الأودية، مثل وادي بطحان، بعد أن كان يجري آجناً متغير الطعم واللون (3). كما استصلحوا أرض الغابة، شمالي غرب المدينة. وكانت عبارة عن أشجار كثيرة ملتفة، من الطرفاء والأثل، فقطعوا معظمها وغرسوا مكانه وديّة النخل (4). كما عملوا على إيجاد مزارع متخصصة لزراعة القمح، في وادي قناة. ذكر أن أحدها كان يزرع فيها القمح على عشرين ناضحاً (5)، مما يدلل به على سعة تلك المزارع وكثرة محصولها.
ثانياً - التجارة
أ- أسواق المدينة التجارية
مارس أهل المدينة أنواع النشاط التجاري، بحكم وضعهم الزراعي، المتسم بالاستقرار، ولوقوع المدينة على طريق التجارة بين الشمال والجنوب (6). ومن أهم مظاهر هذا النشاط، اشتمال المدينة على عدة أسواق تجارية تعددت أغراضها وتشعبت (7). وكان منها قبيل الهجرة، سوق حباشة (بالضم والشين المعجمة)، لبني قينقاع، وهي مخصوصة لبيع العبيد (8). ويبدو لنا أنها كانت جزءاً من سوق بني قينقاع عند جسر وادي بطحان (9). وكانت سوقاً عظيمة تكثر…
__________
(1) ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص391، 395، مالك: المصدر السابق، جـ 2، ص910، البخاري: الصحيح، جـ3، ص53، البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص7، الشريف: مكة والمدينة، ص358. (2) مالك: المصدر السابق، جـ2، ص619. (3) المراغي: تحقيق النصرة، ص14. (4) البلاذري: فتوح البلان، جـ1، ص9، الفيروز آبادي: المغانم الطابة، ص299. (5) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص222. (6) حتي: تاريخ العرب، جـ1، ص146. (7) انظر: السمهودي: الوفاء، جـ2، ص747 وما بعدها. (8) ياقوت: معجم البلدان، جـ2، ص210 - 11. (9) السمهودي: المصدر السابق، جـ2، ص747، جـ4،

الصفحة 208