كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

209…فيها الحركة وأصوات البيع والشراء (1). وأهم ما كان يباع فيها الحلي والقسي والرماح والسيوف (2). ومن أسواق المدينة في الجاهلية، غير ما ذكر، سوق بزبالة من الناحية التي تدعي يثرب (3)، وسوق بالعصبة غربي مسجد قباء (4)، وسوق في منازل بني الحبلي، بموضع يقال له مزاحم (5)، كانت تقوم في الجاهلية وأول الإسلام (6). وكان لليهود سوق مجاور لبقيع الغرقد، شرقي المسجد النبوي (7). واتخذ المسلمون سوقهم مجاوراً لها في موضع بقيع الزبير بطريق بقيع الغرقد (8). والظاهر أن اليهود قد شعروا بقوة المسلمين وأحسوا بخطر منافسهم ومزاحمتهم في تجارة المدينة، طالما كانت هذه السوق قريبة من سوقهم، فأقبل كعب بن الأشرف اليهودي، فدخلها وقطع أطنابها. فقال الرسول (ص): لا جرم لأنقلنها إلى موضع هو أغيظ له من هذا، فنقلها إلى موضع سوق المدينة غربي المسجد النبوي (9)، وكان بعض الصحابة قد أشار على الرسول صلى الله عليه وسلم، باتخذا هذا الموضع (10). وقد بنى - فيما بعد - بين السوق والمسجد النبوي، بعض بيوت الصحابة (11). وقد كان اختيار المسلمين لموضع سوقهم، اختياراً موفقً دل على عمق تجربتهم التجارية وفهمهم بامور البيع والشراء. إذ كان وقاعاًفي جهة هي بمثابة المدخل الريسي للمدينة، سواء من جهة الشام أو اليمن ومكة، وديار سائر القبائل المجاورة. مما مكنهم - ولا ريب - من تلقي التجار والوفود، حال وصولهم، موفرين عليهم مشقة الالتفاف برواحلهم المحملة حول بيوت المدينة أو تى التخلخل بينها حتى يصلوا إلى سوق اليهود، داخل المدينة.…
__________
(1) الأصفهاني: الأغاني، جـ21، ص62 (القاهرة، 1929م)، الشريف: مكة والمدينة، ص365. (2) الواقدي: المغازي، ص138 - 40 (الطبعة الأولى). (3) السمهودي: الوفاء، جـ2، ص747. زبالة: بفتح الزاي والباء، موضع أول يثرب مما يلي شمال المدينة. (انظر: العباسي: عمدة الأخبار، ص332). (4) السمهودي: المصدر السابق، جـ2، ص747، ياقوت: معجم البلدان، جـ4، ص128. (5) السمهودي: المصدر السابق، جـ2، ص747. مزاحم: بالضم وكسر الحاء المهملة، أطم من آطام المدينة ابتناه بنو الحبلى بين ظهراني بيوتهم، كان لعبدالله بن أبي بن سلول. (انظر: الفيروز آبادي: المغانم المطابة، ص380). (6) السمهودي: المصدر السابق، جـ2، ص747. (7) السمهودي: نفس المصدر، جـ2، ص747 - 48. (8) السمهودي: نفس الكان. العباسي: المصدر السابق، ص276. (9) البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص15، ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص534، السمهودي: الوفاء، جـ2، ص748. (10) السمهودي: نفس المكان. (11) مالك: الموطأ، جـ1، ص131. ص1177. الجسر: موضعه، عند أعلى بطحان، وتقدم في بطحان أن سيله حين يأتي من جنوب المدينة يسير حتى يرد الجسر، ثم يستبطن وادي بطحان غربي المدينة. (انظر: السمهودي: نفس المكان).

الصفحة 209