كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

211…وبالإضافة إلى ما ذكر، كان يباع في سوق المدينة جميع ما يرد إليها من الخارج، مثل القمح (1)، والزيت (2)، والعسل (3)، وكذلك الخيل والسلاح (4)، وبعض الكماليات، مثل أواني الفضة (5). وقد نظم أمر السوق، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وحظي أمر الإشراف عليها باهتمام كبير (6).وكان الرسول صلى الله عليه وسلم، يقوم بنفسه مع بعض الصحابة بتعسس أحوال السوق، ومراقبة أمورها وما يجري فيها (7). وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم، مر على رجل يبيع طعاماً، فأدخل يده، فإذا هو مبتل، فقال: من غشنا فليس منا (8). وهذا يعني أن سوق المدينة، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يكن عليها عامل بعينه، على الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قد استعمل على سوق مكة (9). إذ أن قيام الرسول، صلى الله عليه وسلم، بنفسه مع كبار الصحابة بمراقبة السوق، كان يفي بالغرض المطلوب. ومن ضمن ضبط أمور السوق، مراقبة الأسعار وتحديدها بما تقتضيه المصلحة العامة (10). كما منع احتكار ما يأتي إليها من البضائع والطعام (11). ووضعت الحدود الكفيلة بمنع أي غبن بين البائع ولامشتري. ومن ذلك النهي عن بيع الثمار، حتى يبدو صلاحها (12)، وأن من باع نخلاً قد أبرت فثمرها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع (13). كما حرم بيع أنواع الفاكهة مثل البطيخ والخربز وكذلك الخضار، كالقثاء والجزر، ما لم يبد صلاحها (14). كما نهى ان يبيع حاضر لباد (15)، وهو أن يكون للبائع سمسار يتولى العقد بين البائع والمشتري باجر (16).…
__________
(1) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص104. (2) الطبري: جامع البيان، جـ3، ص15. (3) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص607. (4) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص28. (5) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص141. (6) البخاري: الصحيح، جـ3، ص61 - 62، السمهودي: المصدر السابق، جـ2، ص755 - 57. (7) السمهودي: نفس المكان. (8) الدولابي: الكني والأسماء، جـ1، ص25، ابن الأثير: أسد الغابة، جـ3، ص265. (9) ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص47. (10) يروي في هذا، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، مر برجل يبيع طعاماً في السوق، بسعر هو أرفع من سعر السوق. فقال: تبيع في سوقنا بسعر هو أرفع من سعرنا؟ ثم قال: إن المحتكر في سوقنا كالملحد في كتاب الله. (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص448 - 49، السمهودي: الوفاء، جـ2، ص756 - 57). (11) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص263، جـ3، ص448 - 49، الشريف: مكة والمدينة، ص367 - 68. (12) مالك: الموطأ، جـ2، ص618. (13) مالك: نفس المصدر، جـ2، ص617. (14) مالك: نفس المصدر، جـ2، ص619. (15) البخاري: الصحيح، جـ3، ص61. (16) والسمسار هنا، هو الدلال، لأنه يدل المشتري على البائع، أو هو الوسيط بين البائع والمشتري. وقيل إن السمسار، لفظ فراسي معرب. (انظر: الكتاني التراتيب الإدارية، جـ2، ص57 - 58، مجموعة من المؤلفين: المعجم الوسيط، جـ1، ص451).

الصفحة 211