كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

212…وكان أمر تنظيم البيع والشراء قبل ذلك منعدماً في أسواق المدينة، ولم تكن هناك رقابة رادعة على التجار، الذين يغشون في الكيل ويحتالون على الناس (1). وقد تغير الأمر بظهور الإسلام، حيث نزلت آيات، خاصة بضبط المكابيل والموازين (2). وكان تجار المدينة، عند قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم، من أسوأ الناس كيلاً، فأنزل الله "ويل للمطففين"، فأحسنوا الكيل (3). وقد مارس أهل المدينة، أعمال الصيرفة، وكانوا يعتبرونها نوعاً من التجارة (4). وقد نظمت أمورها، وبين حكم الله فيها (4). ويعد الراب أبرز تلك الأعمال التي كانوا يتعاملون بها (6)، حتى حرمه الله بينهم (7). وأعمال الصيرفة، قائمة على بيع الذهب بالفضة، يداً بيد (8). وفي بعض الأحيان، يكون البيع بالنسأ أو التأخير، ولم يكن شائعاً (9). وقد أقر الإسلام للنساء، نصيب مما اكتسبن (10). ومنهن بائعات للعطر، يطفن به على النساء في البيوت (11). وكان للقبائل المجاورة للمدينة، دور كبير ساهم في ازدهار ورواج التجارة في أسواقها. إذ كانوا يفدون إليها، حاملين معهم بضائعهم، للبيع والشراء خلال السنة (12). وأهم ما يقدمون به، الإبل (13)، والغنم (14). ويذكر أن بني…
__________
(1) ابن حجر: الإصابة، جـ4، ص36. (2) انظر: سورة المطففين: 1 - 3. ابن حجر: المصدر السابق، جـ4، ص36. (3) الطبري: جامع البيان، جـ30، ص90 - 91. والظاهر ان قول الطبري: "أنزل الله سورة المطففين". إنما يريد بذلك، قراءتها بين الناس في المدينة. لأن هذه السورة، مكية النزول. (4) الكتاني: التراتيب الإدارية، جـ2، ص35، الشريف: مكة والمدينة، ص366. (5) انظر: سورة البقرة: 275، 282. (6) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص231. والربا، هو من ربا يربو. وأصل الربا الزيادة. يقال: ربا الشيء يربو، إذ زاد. وربا المال يربو: زاد. والزيادة، هي الربا. (انظر: الزمخشري: أساس البلاغة، ص219، مسلم: الصحيح، جـ3، ص1208). (7) انظر: سورة البقرة: 275. (8) البخاري: الصحيح، جـ3، ص48، الكتاني: المرجع السابق، جـ2، ص36. (9) الكتاني: نفس المكان. (10) انظر: سورة النساء: 32. (11) الواقدي: المغازي، ص665 - 66 (الطبعة الأولى)، ابن حجر: الإصابة، جـ4، ص278. (12) ابن خياط: الطبقات، ص57 - 58، ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص114 - 15، ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص98، جـ3، ص569 - 71، جـ4، ص89. (13) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص41، 335، 586. (14) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص284، جـ3، ص643.

الصفحة 212