كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

213…سليم، كانوا يجلبون إليها الخيل والإبل والغنم والسمن (1). ويبيعون الإبل بالدنانير (2). وقد ابتاع النبي صلى الله عليه وسلم، من رجل منبني فزارة، فرساً بعشر أواق من الفضة (3). ومن مجلوبات القبال لسوق المدينة أيضاً، الخمر، قبل أن تحرم (4)، واللحوم (5)، وهي - في الغالب - من لحوم الصيد، يجلبه أهل البادية معهم (6). كما جلبوا معهم الرقيق (7)، ينادون عليه في نفس الوسق (8)، كعادة العرب في أسواقهم، أيام الجاهلية (9). أما أهم ما كانت القبائل تمتاره من سوق المدينة، فهو التمر والبر وبعض الكساء (10).
ب- التبادل التجاري بين المدينة وخارجها
من المستبعد أن يكون النشاط التجاري في المدينة، قد اقتصر على التجارة، داخل أسواقها، دون أن يكون لأهلها اتصالات تجارية خارجية (11). خصوصاً وأن المدينة كانت واقعة على طريق القوافل، التي تحمل الطيوب بين اليمن والشام (12). ولذلك نجد أن بعضهم، قد اسهم في ذلك المجال، فسلكوا طريق القوافل، بين المدينة، من جهة وفارس والشام من جهة أخرى (13). ويذكر أن سلمان الفارسي، لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ليسلم، لم يفهم كلامه، فطلب ترجماناً، فاتى تاجر من اليهود كان يعلم الفارسية والعربية، فترجم كلام سلمان إلى العربية، غير أنه حرف الترجمة، لأن سلمان مدح النبي، صلى الله عليه وسلم، وذم اليهود (14). ومن هذا نستدل على وجود رحلات تجارية…
__________
(1) السمهودي: الوفاء، جـ2، ص754. (2) السمهودي: نفس المكان. (3) ابن سعد: المصدر السابق، جـ1، ص489. (4) البخاري: الصحيح، جـ3، ص72، ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص17 - 18، جـ3، ص309. (5) مالك: الموطأ، جـ2، ص488. (6) مالك: الموطأ، جـ2، ص488، ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص299. (7) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص323 - 24. (8) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص542. (9) ابن بكار: جمهرة الأنساب، ص367 - 68. (10) ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص473. (11) الشريف: مكة والمدينة، ص371. (12) حتي: تاريخ العرب، جـ1، ص146. (13) مما نستدل به على ركوب أهل المدينة، قبل الإٍلام، طريق التجارة بين الشام والمدينة، ما ذكر من قول بشير بن سعد الخزرجي، يمتدح ناقته التي حملته على طرق القوافل إلى يثرب من الشام: أباح لها بطريق فارس غائطاً من ذرا الجولان بقل وزاهر فقربتها للرجل وهي كأنها ظليم نعام بالسماوة نافر فأوردتها ماء فما شربت به سوى أنه بل منها المشافر فباتت سراها ليلة ثم عرست بيثرب والأعراب باد وحاضر (انظر: الأصفهاني: الأغاني، جـ16، ص14 - 15، وانظر عن ترجمة بشير بن سعد: ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص158). (14) مجهول: في سيرة الرسول، ورقة 11.

الصفحة 213