كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

216…المدينة، التمر من اليمامة (1). كما كانوا يخرجون إلى خيبر يمتارون من التمر (2). وكان للبحر دور يسير في ازدهار تجارة المدينة الخارجية، نظراً لعدم وقوعها على ساحله - كما سبق أ علمنا - وكان أقرب ميناء للمدينة على ساحل البحر الأحمر يصلح لرسو السفن، هو ميناء الجار (3)، على ثلاث مراحل منها، على شط البحر (4)، وهو - حينذاك - فرضتها الوحيدة (5). وكانت ترفأ إلى ميناء الجار، السفن من ارض الحبشة ومصر وعدم والصين وسائر بلاد الهند (6). ون طريق الجار، قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم، بالمدينة، بقية اصحابه في أرض الحبشة، حيث أرسوا بهم إلى ساحلها (7). وكان ساحل الجار يعرف - حينذاك - بساحل بولا (8).وقد، ظل دور الجار كفرضة عظيمة للمدينة عهوداً كثيراً، يحمل عن طريقها الطعام في البحر إلى المدينة من أمصار الإسلام، كما كان عليه الحال في عهد عمر بن الخطاب (9).
جـ - أسس التعامل التجاري
1 - العملة: تداول الناس في تعاملهم التجاري في المدينة، بالدراهم والدنانير أو بأوزانها من الفضة والذهب، كعملة اساسية في البيع والشراء، وذلك قبل الهجرة وبعدها (10). ومن ذلك ما ذكر، من أنه لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء. وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة، وكن يبيع القربة منها بالمد. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعينها بعين في الجنة. فقال: يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها. فبلغ ذلك عثمان بن عفان، فاشتراها بخمسة…
__________
(1) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص230. (2) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص322. (3) الاصطخري: المسالك والممالك، ص23. (4) الاصطخري: نفس المكان. (5) الاصطخري: نفس المكان. (6) ياقوت: معجم البلدان، جـ2، ص92 - 93. (7) ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص208. (8) ابن سعد: نفس المكان. بولا: بفتح الباء وسكون الواو، اسم قديم للجار. لم يرد له ذكر في أشهر القواميس العربية. ثم عرفت اليوم باسم البريكة، تصغير بركة، لوجود بركة أو بحيرة يفي إليها ماء وادي الجار، يليل. أما اسمها المحلي اليوم والمعروف بين جيرانها، فهو: "الكزابير"، وهي التلال في عرفهم. (انظر: الأنصاري، عبد القدوس: بحث خاص عن أطلال الجار، نشر في مجلة المنهل، جـ5، السنة السابعة والثلاثون، م32، عام 1391هـ، ص468، 487). (9) اليعقوبي: تاريخ، جـ2، ص154. (10) ابن إسحاق: السيرة، جـ3، ص694، ابن سعد: الطبقات، جـ2، ص37، ابن حجر: الإصابة، جـ4، ص68 - 69، الكتاني: التراتيب افدارية، جـ1، ص413 - 17. وبالنسبة للدينار، فهو عملة ذهبية، نقل العرب اسمه من اليونانية اللاتينية، ديناريوس ( Denarius) ويذكر أنه مشتق، عند الروم، من لفظ ديني ( Deni) أي عشرة، وهو لفظ لاتيني. والأصل فيه الدلالة على قطعة من الفضة تساوي عشرة أسات والأس، درهم من دراهم الروم. (انظر: زيدان، جرجي: تاريخ التمدن الإسلامي، جـ1، 141 "تحقيق د. حسين مؤنس"). وقد ورد لفظ دينار في القرآن الكريم في قوله تعالى: "ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده إليك لا ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون". (انظر: سورة آل عمران: 75، وانظر أيضاً: د. كاشف: النقود في العصر العباسي، بحث نشر في سجل الموسم الثقافي الأول بجامعة الكويت، عام 67/ 1968م، ص233).

الصفحة 216