كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

217…وثلاثين ألف درهماً (1). كما ذكر أن أبا رحيمة، حجم الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعطاه درهماً (2). أما عن تعاملهم باوزان الفضة، فمن ذلك ما ذكر، من أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بلالاً أن يجيز وفد بني مرة، وهم ثلاث عشر رجلاً، قدموا المدينة سنة تسع من الهجرة، فاجازهم بعشر أواق فضة، وفضل رأسهم، الحارث بن عوف، أعطاه اثني عشر أوقية (3). وكذكل ذكر، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، اشترى جملاً من أحد الصحابة بأوقية واحدة (4). ويجدر بنا، في هذا الصدد، أن نشير - لمما - إلى نوعية تلك النقود التي تعامل بها الناس، على عهد الرسول (ص). والذي نراه أنها لم تكن تختلف كثيراً عن مثيلاتها، سواء التي تعامل الناس بهافي مصدرها الأصلي، أم تلك التي كان الناس يتداولونها في صدر الإسلام، وخلال العصر الأموي. وفي هذا يذر أن الدراهم التي كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، على نوعين: السوداء الوافية، وزن الدرهم منها ثمانية دوانق، والطبرية العتيقة، وزن الدرهم منها أربعة دوانق. وكانت الصعوبة في تداولها، تنحصر في إراجها الزكاة منها. وللك فإن الناس كانوا يزكون بشطرين من الكبار والصغار (5). وهذا الاختلاف، في نوعية الدراهم في المدينة، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان خارجاً عن إرادة الناس - حينذاك - إذ كان تبعاً لورود تلك الدراهم من بلاد الفرس، حيث كانت مختلفة الأوزان، صغاراً وكباراً (6). وبالإضافة إلى تعامل الناس في المدينة بالنقود، فقد تعاملوا، في بيعهم وشرائهم، بطريقة المقايضة (7)، أي التبايع بالعروض، كالحنطة والشعير والفواكه، وما أشبه ذلك. وأحياناً كانوا يتعاملون بشيء معلوم من التمر يدفع - غالباً - للعامل حين يؤجر نفسه (8). وكما أشرنا آنفاً، فإن تلك الدراهم والدنانير لم تكن خاصة بهم حين تعاملوا بها، سواء في الجاهلية أم بعد ظهور الإسلام (9). فقد كانت تلك النقود، مجوعات من ضرب فارس والروم، أقر الرسول صلى الله عليه وسلم - فيما بعد - استعمالها، بشكلها البيزنطي والفارسي المصور، كما أقرها من تلاه من الخلفاء، طوال العهدين الراشدي والأموي، حتى تم تعريبها زمن عبد لملك بن مروان عام 77هـ (10).…
__________
(1) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص540. (2) ابن حجر: نفس المصدر، جـ4، ص68 - 69. (3) ابن سعد: الطبقات، جـ1، ص297 - 98. (4) ابن إسحاق: السيرة، جـ3، ص694. (5) المقريزي: إغاثة الأمة، ص48، الخزاعي: الدلالات السمعية، ورقة 174، الكتانيك التراتيب ادارية، جـ1، ص413. (6) البلاذري: فتوح البلدان، ص571 (تحقيق د. صلاح المنجد). (7) ابن سعد: الطبقات، جـ1 ص461، ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص360 - 61. (8) الطبري: جامع البيان، جـ10، ص194 - 95. (9) الحسيني (د. محمد باقر): تطور النقود العربية، ص19. (10) الحكيم: الدوحة المشتبكة في ضوابط السكة، ص45، 49، الحسيني: المرجع السابق، ص19.

الصفحة 217