كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

24…ومما قيل أيضاً في تحديد موضع يثرب أنها ما بين طرف قناة إلى طرف الجرف وما بين المال الذي يقال له البرني إلى زبالة (1). وهذا التحديد لا يتعارض مع ما سبق ذكره من أن يثرب تقع في تلكالجهات الممتدة غربي مشهد حمزة إلى مجتمع الأسيال برومة (2). ومما يجدر ذكره هنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هم بالتحول من قباء إلى موضع مسجده قال: أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة (3). وذلك يعني أن موضع مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم اليوم وما حوله كان يعرف أيضاً باسم يثرب (4)؟ بالإضافة إلى ذلك فقد ذكر بعض مؤرخي المدينة أنه كان بيثرب عدد من الصاغة اليهود (5). وقد غاير بعضهم بين يثرب هنا وبين زهرة (6). واعتبروا أن الصاغة إنما كانوا بزهرة وكانت أعظم قرى المدينة (7). ويمكننا التوفيق بين الروايات السابقة إذا اعتبرنا أن المراد بيثرب هو جميع سافلة المدينة بما في ذلك زهرة، بالإضافة إلى منطقة المسجد النبوي المحيطة به. مع عدم استبعاد أن التسمية إنما كانت تطلق أصلاً على الجهة الشمالية الغربية للمدينة ثم عرفت به كل سافل الجهات الشرقية ليثرب وذلك من باب إطلاق اسم البعض على الكل.…
__________
(1) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص8 - 9. الجرف: بالضم ثم السكون: موضع على ثلاثة أميال من المدينة من جهة الشمال الغربي. (انظر: العباسي: المصدر السابق، ص288). البرني: ويقال البرناوي. (انظر: ابن النجار: الدرة، ص8). والبرني لفظ يطلق على نوع من التمر كان مشهوراً بالمدينة. وحقيقة المال المعروف بالبرني أو البرناوي مجهولة الآن. وربما أنه بعض بساتين العيون في الشمال الغربي للمدينة. "أما زبالة: فهي شمالي جبل سلع إلى قرب وادي قناة. (انظر: الأنصاري، عبد القدوس: المرجع السابق ص177، العياشي: المرجع السابق، ص24 - 25). (2) المطري: التعريف، ص19، العباسي: عمدة الأخبار، ص288، 332، 399، العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص24. (3) المطري: المصدر السابق، ص19. (4) يذكر ابن الحاج أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سار من قباء "ركب ناقته وجاء يثرب أي المدينة". (انظر: رفع الخفاء، ورقة 68). (5) قيل إنهم ثلاثمائة صائغ. (انظر: المطري: المصدر السابق، ص19 - 20). وهو عدد كبير يصعب تصديقه، على الرغم من اشتهار معظم اليهود بصناعة الذهب إلا أنه - فيما يبدو لنا - وعلى فرض صحة تلك الرواية فإن تلك الناحية من المدينة كانت ولا بد مركزاً خاصاً لمعامل الصاغة ومكاناً لمتاجرهم في المدينة. (6) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص9، ابن النجار: الدرة، ص8. زهرة: بالضم ثم السكون: موضع بالمدينة بين الحرة الشرقية والسافلة. (انظر: العباسي: المصدر السابق، ص331). (7) السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص8 - 9. العباسي: المصدر السابق، ص331، المراغي: تحقيق النصرة، ص23.

الصفحة 24