كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
240…
الإسلام (1). وقد ذكر أن شعر النبي صلى الله عليه وسلم، كان أحمرا من الطيب (2). كما ذكر أن الصحابة كانوا يتطيبون حتى تجدج لمعان الطيبن في رؤوسهم ولحاهم (3). واستحب بين الصحابة في المدينة، الاختتام بخاتم من حجيج (4)، أو بخاتم من فضة، يجعلونه في اليد اليسرى (5)، وأحياناً في المينى (6). وكانوا يختتمون بخواتم الذهب، إلا أنهم نهوا عن ذلك (7)، بدا عن قطع دابر المباهاة والمفاهرة - ولا ريب - خصوصاً، وأن التدابير التي مرت بنا، كانت تظهر حرص الرسول صلى الله عليه وسلم، على إزالة كل أسباب الفرقة والمفاخرة بين المسلمين، وتدعو إلى تكريس الجهد، على أن يتجه المسلمون إلى هدفهم الأسمى، وهو نشر الإسلام. أما بالنسبة للمرأة، فقد رخص لها بلبس الذهب (8)، وقد لبست أيضاً القلائد والأقراط (9).
7 - الأسرة والبيت
لعل من أبرز سمات المجتمع في المدينة، بالنسبة للأسرة والبيت - على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم - هو الحرص الكبير على أن يكون للرجل زوجة وأولاد. ويروي في هذا أن أحد الصحابة (عكاف بن وداعةالهلالي، ويقال عكاف بن بشر التميمي) سأله الرسول (ص): ألك زوجة؟ قال: لا. قال: ولا جارية؟ قال: لا. قال: وأنت صحيح موسر؟ قال: نعم والحمد لله. قال: فأنت إذاً من إخوان الشياطين. إما أن تكون من رهبان النصارى، فأنت منهم، وإما أن تكون منا، فاصنع كما نصنع، فإن من سنتنا النكاح، شراركم عزابكم (10). فلم يبرح الرجل مجلس، حتى زوجه الرسول صلى الله عليه وسلم، إحدى الصحابيات (11). ولذلك فقد سهلت مراسم الزواج وخفف عن الخاطب حمل الصداق، بشكل كبير جداً (12). وكان بعض الصحابة، قد دفع صداقاً لامرأة من قومه، مبلغ مئتي درهماً (13)، وساق عبدالرحمن بن عوف إلى…
__________
(1) الواقدي: المغازي، ص148 (الطبعة الأولى). (2) ابن سعد: المصدر السابق، جـ1، ص437. (3) البخاري: الصحيح، جـ7، ص140. (4) مالك: المصدر السابق، جـ2، ص526. (5) ابن سعد: المصدر السابق، جـ1، ص473 - 75. (6) مسلم: الصحيح، جـ3، ص1658. (7) ابن سعد: المصدر السابق، جـ1، ص470 - 71. (8) مسلم: المصدر السابق، جـ3، ص1635، 1654. (9) البخاري: المصدر السابق، جـ7، ص136. (10) ابن الأثير: أسد الغابة، جـ4، ص3، ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص495 - 96. (11) ابن حجر: نفس المكان. (12) ذكر أن رجلاً طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يزوجه امرأة حضرت مجلسه، فقال له: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا. فقال الرسول (ص): التمس ولو خاتماً منحجيد. فالتمس فلم يجد شيئاً. فقال له: هل معكم من القرآن شيئاً؟ فقال: نعم. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم، قد انكحتكها بما معك من القرآن. (انظرك مالك: الموطأ، جـ2، ص526). (13) ابن إسحاق: السيرة، جـ4، ص1045. ويبدو أن دفع مئتي درهماً، مهراً، كان عرفاً متبعاً. ولذلك ذكر ان الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: "لو كنتم تغرفونها من بطحان ما زدتم". (انظر: الدولابي: الكنى والأسماء، جـ1، ص25).