كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

31…
1 - اليهود
لفظ اليهود - في هذه الدراسة - نريد به ما يحتمله من معنييه: وهما النسب والديانة: قال الله تعالى في القرآن الكريم "ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً (1) "، وهو تعبير عن اعتناق اليهودية مثلما يقال نصراني لاعتناقه النصرانية. وعلماء اللغة تعرضوا إلى هذا المعنى فقال ابن منظور الهود التوبة، هاد يهود هودا: تاب ورجع إلى الحق فهو هائد ... وهود الرجل: حول إلى اليهودية (2). واليهود لفظ يراد به - أيضاً - الدلالة على النسب مرادف للفظ بني إسرائيل (3)، وهو لفظ يعني في العبرانية بني عبدالله أو صفوة الله. مركبة من أسرا بمعنى عبد أو صفوة ومن إيل وهو الله (4). وقيل أنها تعني سرى الله (5). كما تعني الشديد أو القوي، وهو لقب يعقوب (6). كما أنهم سموا يهودا نسبة إلى يهوذ بن يعقوب، فإن الملك استقر في ذريته، وقد أبدلت الذال المعجمة دالاً مهملة فقيل يهود (7). وهذا التقسيم وعاه المؤرخون المسلمون فقال السهيلي: "يهود اسم علم كثمود يقال: إنهم نسبوا إلى يهوذ بن يعقوب ثم عربت الذال دالاً فإذا قلت: اليهود بالألف واللازم، احتمل وجهين النسب والدين الذي هو اليهودية، أما النسب فعلى حد قولهم التيم في التيميين. وأما الدين فعلى حد قولك: النصارى والمجوس أعني أنها صفة لا أنها نسب إلى أب (8).…
__________
(1) آل عمران: 67. الحنيف: من تحنف إلى الشيء إذا مال إليه، ومنه قيل لمن مال عن كل دين أعوج: هو حنيف وله دين حنيف، وتحنف فلان إذا أسلم. (انظر: الزمخشري: أساس البلاغة، ص144). (2) لسان العرب، جـ5، ص439. (3) وإسرائيل هو لقب يعقوب بنإسحاق بن إبراهيم، أبو اليهود، وقد سموا بذلك نسبة إليه. (انظر: ابن إسحاق: السيرة، جـ1، ص12، شنوده: اليهود، ص15، 20، طنطاوي، د. محمد سعيد: بنو إسرائيل في القرآن، جـ1، ص6). (4) طنطاوي، د. محمد سعيد: نفس المكان. (5) السهيلي: الروضة الأنف، جـ2، ص294. (6) للاطلاع على المعاني المرتبطة بهذا الاسم وعن صلته بالكتابات المسمارية واللغة الكنعانية. انظر: The Interpreter's Dictionary of the Bible, Abingdon - press, New York, vol. 2, p. 765. (7) البيروني: تاريخ الملل والنحل، جـ2، ص4. اقتبسها طنطاوي، في كتابه بني إسرائيل في القرآن، ص8، السهيلي: الروض الأنف، جـ2، ص291، اليعقوبي: تاريخ، جـ1، ص31، شنوده: اليهود، ص14. (8) المصدر السابق، جـ2، ص291.

الصفحة 31