كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
37…من ذرية شعيب نبي الله، وكان شعيب من بني جذام (1). فإن صحت تلك الرواية لم يعد هناك شك في عروبتهم. ويبدو لنا أن يهود بني قريظة وبني النضير وغيرهم كان سابقاً لهجرتهم إلى المدينة. وفي هذا يقول السمهودي: أن الروم لما غلبوا على الشام خرج قريظة والنضير وهدل هاربين من الشام يريدون من كان بالحجاز من بني إسرائيل (2) وبنو هدل هم بنو عم قريظة والنضير وليسوا منهم فإن نسبهم فوق ذلك (3). وتذكر الروايات التاريخية وجود لبني جذم في الشام وحسمي (4)، وأن لهم منزلة كبيرة وزعامة بين عرب الشام (5). وهم في معظمهم نصارى (6). والنصرانية كانت الدين الرسمي للدولة الرومانية فكان اعتناقهم للدين المسيحي تعبيراً عن خضوعهم للدولة الرومانية (7). وهو ما ولد عندهم فيما نرى شعوراً بالتمرد والخروج على دين الدولة (8).…
__________
(1) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص162. أما عن نسب شعيب (وهو نبي في قوم يقال لهم "حضورا"، من العرب البائدة، من بني أرفخشذ بن يقطن ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ، ومن بني عمومتهم جرهم وحضرموت والسلف). فأما حضورا فكانت ديارهم بالرس وكانوا أهل كفر وعبادة أوثان، وبعث إليهم نبي منهم اسمه شعيب بن ذي مهرع، فكذبوه وهلكوا كما هلك غيرهم من الأمم. (انظر: ابن خلدون: تاريخ، طبعة القاهرة، 1355هـ، جـ1، ص46). ويذكر أن ديار جرهم كانت باليمن وكانوا يتكلمون بالعبرانية. والنص الذي أورده ابن خلدون يلاحظ فيه أنه قد جعل حضورا أبناء عمومة لحضرموت ولجرهم، أي أن حضورا قبيلة جنوبية شأنهم في ذلك شأن قبيلة جذام الجنوبية أيضاً. وذكر أن ديار حضورا وهي الرس كانت حضرموت (انظر جواد: المفصل، جـ1، ص347). والنصوص التي بين أيدينا لا تساعدنا على إعطاء تفصيل واف عن جذام وحضورا أكثر من تلك الصلة المكانية، بالإضافة إلى ما سبق ذكره من زعم بني قريظة أنهم من ذرية شعيب وكانوا من بني جذام (انظر: ابن حزم: الجمهرة، ص334، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص347). والنصوص التي بين أيدينا لا تساعدنا على إعطاء تفصيل واف عن جذام وحوضرا من تلك الصلة المكانية، بالإضافة إلى ما سبق ذكره من زعم بني قريظة أنهم من ذرية شعيب وكانوا من بني جذام (انظر: ابن حزم: الجمهرة، ص334، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص162). على أننا نجد في الجمهرة أيضاً، إشارة غير مباشرة عن قرابة جذام وحورا حيث يجتمع نسبهم في سبأ. فجذام هم بنو عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. (انظر ابن حزم: المصدر السابق، ص418 - 421). أما حضورا فهو عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن عريب بن زهير بن الغوث بن ذي يهدم. (انظر ابن حزم: نفس المصدر، ص434). فمن ذلك نرى أن جذام وحضورا يجتمعون في سبأ واسمه عامر ابن حسنة بن يشجب بن يعرب بن يقطن بن قحطان، وإلى قحطان جماع اليمن. (انظر: ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص419). (2) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص160. (3) ابن الأثير: أسد الغابة، جـ1، ص69 - 70. (4) البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص71، الزمخشري: الجباب والأمكنة والمياه، ص42، الكلبي: الأصنام، ص38. دار جذام: حوالي أيلة على خليج العقبة، وهي من عمل الحجاز، وكان من أوديتهم - على عهد الرسول - وادي شنار. (انظر ابن إسحاق: السيرة، جـ4، ص1030، وانظر أيضاً ابن حزم: المصدر السابق، ص421). (5) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ4، ص1011، ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص213. (7) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ4، ص1011، ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص213. (8) ابن إسحاق: الصمدر السابق، جـ4، ص1011.