كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

41…وقد تكون تلك القبائل المذكورة قبائل عربية تهودت، مستدلين على ذلك من واقع أسمائها العربية. وقد تكون فعلاً قبائل يهودية الجنس وجرى عليها في تغيير أسمائها وتقاليدها ما جرى لبني قينقاع. على أننا نميل إلى الاعتقاد بأنها قبائل يهودية الجنس وذلك إذا سلمنا بأن وجود اليهود في المدينة كان قديما وأن تسربهم كان مستمراً حتى أواخر القرن الخامس الميلادي - كما سبق أن ذكر خلال البحث، بالإضافة إلى ما سبق ذكره عن عروبة بني قريظة وبني النضير - مما يجعل من غير المقعول أن تكون بقية الجنس اليهودي في المدينة لا تتعدى العدد القليل الذي كان يمثل بني قينقاع عند إجلائهم من المدينة (1). وما بين أيدينا من أخبار عن يهود المدينة لم يكن في حجم آمالنا لمعرفة الإحصاء التقريبي لهم. إلا أننا - مع هذا - لا نعدم وجود نصوص في هذا المجال تلقى بعض الضوء على الحجم التقريبي لليهود في المدينة. فالبنسبة لبني قينقاع نجد أن البالغين من الرجال يصل إلى حوالي سبعمائة رجل (2). ولعدم معرفتا بعدد النساء والأطفال فسنفترض أن جميع أولئك السبعمائة متزوجين وأن المتوسط التقديري لعدد أطفال كل زوجين هو اثنان. وعليه يمكن القول أن عدد بني قينقاع يصل إلى حوالي ألفين وثمانمائة شخص. وكذلك بنو قريظة لم تتعد معرفتنا لإحصائها عما ذكر عن عدد رجالها البالغين، وهم ستمائة أو سبعمائة (3)، والمكثر فيهم يقول: كانوا من الثمانمائة إلى اتسعمائة (4). وهو اختلاف بسيط يمكن التقريب بينه بأخذ المتوسط لتلك الأعداد وهو سبعمائة وخمسين رجل وقد ذكره أيضاً الواقدي (5). وحسب قاعدتنا السابقة يمكن معرفة عدد نساء وأطفال بني قريظة حيث يكون الإحصاء التقريبي لبني قريظة هو ثلاثة آلاف شخص. أما بنو النضير، وهم إحدى قبائل اليهود الثلاث الكبرى في المدينة. فلم نعثر على ما يخبر عن عدد رجالهم البالغين إلا أن ابن الحاج أورد نصاً يعطي صورة تقريبية عن حجم النساء والصبيان في بني النضير وذلك عند حديثه…
__________
(1) ذكر أنهم كانوا حوالي سبعمائة مقاتل. (انظر: الطبري: التاريخ، جـ2، ص480). (2) الطبري: نفس المكان. (3) الطبري: نفس المصدر، جـ2، ص488، ابن النجار: الدرة، ص54. (4) ابن إسحاق: السيرة، جـ3، ص721، الطبري: المصدر السابق، جـ3، ص488، ابن النجار: المصدرالسابق، ص54. (5) يقول الواقدي: كان جبى بن أخطب يقول لأبي سفيان بن حرب ولقريش في مسيره معهم: إن قومي قريظة معكم، وهم أهل حلقة وافرة، وهم سبعمائة وخمسون مقاتلاً. (انظر: المغازي، جـ2، ص454 - طبعة أكسفورد).

الصفحة 41