كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
44…وقد أدى اكتظاظ منطقة العالية بسكانها من العرب واليهود إلى توسعهم نحو الغرب والجنوب الغربي بقباء. وقد ذكر منهم في قباء جماعات منها بنو القصيص وبنو ناغصة، كانوا مع بني أنيف قبل نزول الأوس والخزرج عليهم (1). ونزلت بنو قريظة في دارهم بالعالية على وادي مهزور (2)، وكان معهم اخوتهم بنو هدل وبنو عمرو (3)، ونزل بنو زعوراء عند مشربة أم إبراهيم ولهم أطم عندها (4). أما بنو قينقاع، ومنهم بنو زيد اللات فكانت منازلهم عند منتهى جسى المدينة إلى العالية إذا سلك الجسر (5). وقد تمتد مساكنهم إلى قباء (6). كما سكن من اليهود ناس بالشوط والعنابس والوالج وزباله إلى عين فاطمة (7). وكان لأهل الشوط أطما يقال له الشرعبي، دون ذباب وقد صار لبني جشم بن الحارث بن الخزرج الأصفر أخوه بني عبد الأشهل (8). ولأهل الوالج أطما مما يلي قناة (9). وكان اليهود أصحاب الثروة والجاه لاحتلالهم أخصب المواقع في المدينة وهو ما خلق فيهم روح الغطرسة والتعالي على من كان معهم من العرب ممن حالفهم وجاروهم (10). وقد عمل الأوس والخزرج على إذلال اليهود وتحطيم قوتهم وذلك بعد أن قوى مركزهم في المدينة واصتالهم ببني عمومتهم في الشام كسند لهم ضد قوة اليهود (11). فتوجه مالك بن العجلان مستغيثاً بنفسه إلى الشام بعد أن قتل ملك اليهود الفطيون (12). وهذه الحادثة يبدو أنها قريبة العهد بزمن الهجرة. ونستدل على ذلك بما ذكر من شهود أحد ولد مالك بن العجلان معركة بدر (13).…
__________
(1) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص163. (2) السمهودي: نفس المصدر، جـ1، ص161 - 163. (3) السمهودي: نفس المكان. (4) السمهودي: نفس المصدر، جـ1، 164. مشربة أم إبراهيم: موضع في المدينة شمالي مسجد بني قريظة في العالية قريب من الحرة الشرقية في موضع يعرف البدشت على أيام المطري بين نخل يعرف بالأشراف، من بني قاسم بن إدريس بن جعفر أخي الحسن العسكري. (انظر: المطري: التعريف، ص52). (5) السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص164. جسر بطحان: هو المكان الذي ينبطح فيه وادي بطحان بدء من شمال الماجشونية المعروفة اليوم بالمدشونية، وينتهي بالجسر بين البئر المراكشية العائدة لآل عبدالعال المراكشيين وبين البئر المشرفية. وهناك جسر بياضة وهو مجتمع منازل بني بياضة مع بني حبيب وبني دينار. ويذكر أيضاً أن شمال الماجشونية هو أول مجرى وادي بطحان في مجتمعه مع وادي مذينيب ومهزور، وبقي من الجهات الناحية الغربية وهي المقصودة في بني قينقاع بالقول "عند منقطع الجسر أي أول مبتدأ بطحان مما يلي غرب الماجشونية وغربي جسر بطحان هناك". (انظر: العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص18 - 19). (6) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص360 - 361. ابن كثير: البداية والنهاية، م2، ص3، ص211. (7) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص165. (8) السمهودي: نفس المكان. (9) السمهودي: نفس المكان. (10) السمهودي: نفس المصدر، جـ1، ص182. (11) السمهودي: نفس المصدر، جـ1، ص179. (12) السمهودي: نفس المكان. (14) الواقد: المغازي، جـ1، ص167 (طبعة أكسفورد).