كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

5…أما بالنسبة للمصادر والمراجع، التي اعتمدنا عليها عند كتابة هذا البحث، فلقد وجدنا أن في كتب الطبقات والتراجم وأسماء الصحابة، مدة غنية جداً وذات فوائد كثيرة، لمن أراد أن يبحث في مجتمع تلك الفترة. سواء في النواحي السياسية أم الاجتماعية والاقتصادية. ولقد وجدنا، أن من المتعذر علينا، أن نستوعب - قراءة - كل الكتب التي صنفت في علم الطبقات والتراجم وأسماء الصحابة. فكان الرأي، انتخاب أحدها، ليدرس بعمق وتمحيص، على أن تتوفر فيه شروط تميزه عن غيره من التصانيف، التي عنيت بذكر أسماء الصحابة، واضعين نصب أعيننا ما ذكره ابن الأثير من أن الناس، قد جمعوا في أسمائهم "كتباً كثيراً ومنهم ن ذكر كثيراً من أسمائهم في كتب الأنساب والمغازي وغير ذلك، واختلفت مقاصدهم فيها، إلا أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبدالله ابن منده وأبو نعيم احمد بن عبدالله الأصفهانيان، والإمام أبو عمر بن عبدالبر .. وقد أتى بعدهم الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني، فاستدرك على ابن منده ما فاته في كتابه، فجاء تصنيفه كثيراً نحو ثلثي كتاب ابن منده فرأيت أن أجمع بين هذه الكتب وأضيف إليها ما شذ عنها مما استدركه أبو علي الغساني على ابن أبي عمر بن عبدالبر وكذلك أيضاً، ما استدركه عليه آخرون" (1). ولقد رأينا أن أفضل تصنيف يمكن أن يكون العمود الفقري لدرسة كتب ما صنف في أسماء الصحابة، كتاب ابن حجر العسقلاني (ت852هـ / 1449م (2)). المعروف باسم (الإصابة في تمييز الصحابة). فهو من الآثار القيمة في معرفة أحوال الصحابة ومجتمع المدينة المنورة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا "كان أجمع ما صنف في بابه". وقد شهد الابن حجر، بالحفظ والثقة والأمانة والمعرفة التامة والذهن الوقاد والذكاء المفرط وسعة العلم في فنون شتى، كما شهد له بأنه أعلم أصحبه بالحديث (3). وكتابه، الذي رجعنا إليه: (الإصابة في تمييز الصحابة)، يقع في أربعة أجزاء (4). وكان منهجه في ترجمته للصحابة والنساء الصحابيا، يسير وفق نظام الترتيب على حروف المعجم. وأفرد الجزء الرابع للكنى وللنساء. ويعد كتابه استيعابا لم افي كتاب سلفه ابن الأثير (ت 630هـ / 1233م): (أسد الابة في معرفة الصحابة) وقد أشار إلى أنه قد استدرك عليه، وزاد بنحو 13 ألف ترجمة. وقد كانت استفادتي من كتاب الإصابة، كبيرة جداً، وعلى وجه الخصوص، في النواحي التنظيمية والاجتماعية، حيث أمدني بمعلومات، ربما أنها قد مرت علينا، أو مررنا بها، مر الكرام، بينما كانت تذخر بفوائد كثيرة في تصوير مجتمع المترجم لهم.…
__________
(1) أسد الغابة، جـ1، ص304. (2) وابن حجر هو، أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد ويلقب بالأستاذ إمام الأئمة أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ثم القاهري الشافعي ولد سنة 773هـ بمصر ونشأ بها ودرس على كثير من الشيوخ في القراءات والحديث ومتعلقاته وحفظ المتون واللغة. (انظر: السخاوي: الضوء اللامع، جـ2، ص36 - 37). (3) السخاوي: الضوء اللامع، جـ2، ص40. (4) مطبعة السعادة، ط1، القاهرة، 1328هـ. وبهامشه كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبدالبر (ت 463هـ / 1070م. وهناك طبعة، غير التي رجعنا إليها، تقع في ثمانية أجزاء، مطبعة السعادة، بمصر، 23 - 1325هـ. والجزء الثامن منها، خاص بتراجم النساء الصحابيات).

الصفحة 5