كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
51…ويشكل بنو قرية أعلى نسبة في اعتناق الإسلام بين اليهود. وذلك بحكم وجودهم كسبي في أيدي المسلمين (1). وكانت غالبيتهم من الشباب الصغار ممن شمله عفو الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يقتلوا (2). وقد ذكر ابن حجر أسماء أكثر من اثني عشر قرظياً مسلماً ممن كانت له صحبة أو رواية عن النبي (3) (ص). وعلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يوجد في المدينة عناصر يهودية كبيرة بقيت على دينها مثل عبدالله بن صائد، كان أبوه من اليهود ولا يدري من أي قبيلة هو، ولد على عهد رسول الله 0ص)، وعاش مع أهله في المدينة طوال عهد النبي (4) صلى الله عليه وسلم، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم، حين مر به، يلعب مع الصبيان، كان غلاماً لم يحتلم (5). ولأنه ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو ربما كان يناهز العاشرة من عمره وهي مدة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، بالمدينة. وقد أعطيت تلك العناصر حرية ممارسة ديانتها وطقوسها الخاصة بها (6).وكما استعان الرسول صلى الله عليه وسلم، ببعض هؤلاء اليهود واتخذ منهم أدلاء له لمعرفتهم بعض الطرق حول المدينة، ولم يبجر أحدهم على ترك دينه (7). ويذكر أن بعضهم قد أسلم على عهد أبي بكر الصديق (8). ومن غلمانهم من كان يخدمه صلى الله عليه وسلم، وكان يعودهم في مرضهم (9). وكان ينظر إلى اليهود في المدينة على أنهم معاهدون لهم حقهم من العدل والإنصاف (10). وقد تمتعوا بمركز مالي واقتصادي مرموق (11). ويبدوا أن جلاء بني قينقاع وبني النضير وقتل رجال بني قريظة لم يؤثر كثيراً على عدد اليهود في المدينة إذ كانوا نيفاً وعشرين قبيلة (12). كما لم يضعف من رغبتهم في اتسعادة نفوذهم ومركزهم في المدينة. وقد هالهم ما أصبح عليه…
__________
(1) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص519، جـ3، ص297. (2) البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص23، ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص286. (3) وأولئك هم: عمارة بن سعد. (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص81)، وأبو ثعلبة (انظر: ابن حجر: نفس الصدر، جـ4، ص30)، وكثير بن السائب (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص286)، وكعب بن سليم بن أسد، والزبير بن عبدالرحمن بن الزبير، ورفاعه، وعطية أبناء قرظة، ورافع القرظي، ورفاعه بن سموأل، وأسد واسيد أبناء كعب، وثعلبة بن أبي مالك (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص201، 501، 518، 519، 584، جـ3، ص297). (4) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص133 - 135. (5) ابن حجر: نفس المكان. (6) مسلم: الصحيح، جـ2، ص643. (7) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص187. (8) ابن حجر: نفس المكان. (9) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص430. (10) ابن حجر: نفس المصدر:، جـ1، ص366. (11) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص366، 483، جـ3، ص393، البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص18، 25 - 26. (12) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص265.