كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

55…ويبدو أن كثرة أهل الكتاب من اليهود والنصارى جعل من الطبيعي أن ترتبط مصالحهم مع مصالح المسلمين في المدينة بشكل كبير. فاستوجب ذلك تنظيماً لبعض الأمور والحقائق ضمن تلك العلاقات، وخاصة في مجال الأطعمة وما أحل منها وما حرم، فقال تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم" (1). ويذكر في هذا المجال أيضاً أن زيد بن ثابت الأنصاري النجاري، ترجمان الرسول صلى الله عليه وسلم، بالسريانية والفارسية والرومية والقبطية والحبشية تعلم ذلك بالمدينة من أهل هذه الألسن (2). ونستدل من هذا النص على أن تلك الأجناس كان لها وجود بارز في المدينة مكن أفرادها من حفظ ألسنتهم وتعليمها لمن أراد تعلمها من أهل المدينة.
2 - الأوس والخزرج وحلفاؤهم من العرب
الأوس والخزرج حيان كبيران من أحياء قبائل اليمن (3). ويعدان جماع نسب الأنصار (4). والأنصار لقب إسلامي عرفوا به لنصرتهم رسول الله (5) صلى الله عليه وسلم، وهم أبناء حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن (6) الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (7). وقيل هم من ولد ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان (8). واختلاف الروايتين في تسلسل النسب لم يكن كبيراً وهو كثير الحصول عند النسابة في ذكرهم لأنساب القدماء. غير أن الملاحظ هو إجماعهم على أن نسبهم ينتهي إلى قبائل يمانية (9). وقد عرف الأوس والخزرج بين العرب في يثرب باسم اليمانية، ومن تلك التسمية جاء اسم حذيفة بن اليمان.…
__________
(1) المادة: 5. (2) الخزاعي: تخريج الدلالات السمعية، ورقة 60 (مخطوطة مصورة بمعهد المخطوطات العربية، جامعة الدول العربية. رقم الميكروفيلم 158). (3) ابن حزم: الجمهرة، ص329، السمهودي: الوفاء، جـ1، 173. (4) ابن دريد: الاشتقاق، ورقة 214 (مخطوط بمكتبة السليمانية باسطانبول). (5) الأنفال: 72. ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص292، 321، 507، السهيلي: الروض الأنف، جـ2، ص183، الديار بكري: تاريخ الخميس، جـ1، ص306. (6) ابن حزم: المصدر السابق، ص332. (7) ابن قدامة: الاستبصار، ورقة 3 - 4. (8) السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص173. (9) السمهودي: في نفس المكان.

الصفحة 55