كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
62…زعمائهم (1). وقد اعتبر يوم بعاث يوماً قدمه الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في دخول الأوس والخزرج في الإسلام (2)، مما سهل مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقدم المدينة وقد افترق ملؤهم وقتلت سراتهم (3). والعامل الثاني جاء نتيجة تشبع الأوس والخزرج بالفكرة الدينية وطقوسها بحكم مجاورتهم لليهود وتأثرهم بهم (4). وقد كان اليهود يستفتحون عليهم بخروج نبي سيتبعونه ويقتلون به الأوس والخزرج (5)، الذين غلبوهم على أمرهم. فكان إذا وقع بينهم شيء تقول اليهود: إن نبياً سيبعث إلا وقد أظل زمانه فنقتلكم معه (6) .. وفكرة ظهور نبي جديد لم تكن شائعة في يثرب فحسب بل إنها كانت منتشرة في الشام واليمن (7). فقد ذكر أن عبدالمطلب بن هاشم لما وفد على سيف بن ذي يزن الحميري لتهنئته بانتصاره على الحبشة قال سيف لعبدالمطلب: إني أجد في العلم السابق أن يثرب استحكام ملكه وأهل نصره (أي محمد، صلى الله عليه وسلم (8)). ولهذا كان دخول الأوس والخزرج في الإسلام بهذه السرعة لإيمانهم ببعثته أولاً، ولخوفهم أن تسبقهم يهود إليه ثانياً (9). والعامل الثالث الذي أسرع بدخول الأوس والخزرج في الإسلام ونصرة نبيه هو التنافس والتفاخر القبلي بين الحيين. ذلك أن خوف الخزرج - فيما يبدو - من أن تسبقهم الأوس إلى دخول الإسلام ونصرة محمد صلى الله عليه وسلم، جعلهم يقطعون الطريق على إخوانهم من الأوس ويعلنون استعدادهم لمحالفة الرسول (10) صلى الله عليه وسلم، ويطلبون منه أن يهاجر…
__________
(1) السمهودي: الوفاء، جـ1، ص222، 223، ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 64. (2) الذهبي: تاريخ، جـ1، ص171. (3) الذهبي: نفس المكان. (4) الذهبي: نفس المصدر، جـ1، ص172. ابن حجر: الإصابة، ج،2، ص65، جـ3، ص378، الأصفهاني: الأغاني، جـ4، ص139 - 140. (5) الذهبي: تاريخ، جـ1، ص172، السمهودي: الوفاء، جـ1، ص172، العدوي: أحوال مكة والمدينة، جـ2، ورقة 114. (6) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص292، ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 64 (انظر الهامش، نفس المكان). (7) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ1، ص116 - 119. العدوي: المصدر السابق، جـ2، 114. (9) الذهبي: المصدر السابق، جـ1، ص172. السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص222. (10) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ2، ص292. الذهبي: المصدر السابق، جـ1، ص171 - 172، السمهودي: المصدر السابق، جـ1، ص222 - 223.