كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

65…الشخصيتين أن تبعهما في يوم واحد جميع بني عبد الأشهل الرجال والنساء تقريباً (1). وقد سجل بنو عبد الأشهل بدخولهم الجماعي في الإسلام وبجهرهم بدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، في المدينة سبقاً على الخزرج بعد أن فاتتهم فضيلة السبق في دخول الإسلام. وهو ما أثار - فيما يبدو - غيرة وغضب عامة بني النجار، ممن لم يدخلوا بعد في الإسلام ترقباً للنتائج الأخيرة. فأخرجوا مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة صاحبهم الذي كان ينزل عنده مصعب. فانتقل مصعب إلى سعد بن معاذ، سيد الأوس، يدعو آمناً ويهدي إلى الله (2). ويظهر أن تلك المنافسة كانت من القوة بحيث أننا نجد لها ذيولاً حتى بين المسلمين من الأوس والخزرج أنفسهم، حتى قيل أن مصعب بن عمير كان يصلي بهم، وذلك أن الأوس والخزرج كره بعضهم أن يؤمه بعض (3). وقد انتشر الإسلام في يثرب بسرعة كبيرة جداً، وفي مدة وجيزة، حتىقيل أنه لم تبق دار من دور الأنصار إلا وبها رجلا ونساء مسلمون (4). إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخطمة ووائل وواقف وتلك أوس الله وهم من الأوس بن حارثة. فلم يزالوا على ذلك حتى مضت بدر وأحد والخندق (5). وقد جدد الأوس والخزرج دعوتهم لمحمد صلى الله عليه وسلم، أن يقدم عليهم يثرب وذلك بعد أن كثر المسلمون في يثرب وفشا الإسلام بين دورهم (6). يقول جابر بن عبدالله: واجتمعنا سبعين رجلاً منا فقلنا: حتى متى نذر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يطوف في جبال مكة ويخاف؟ فرحلنا حتى قدمنا عليه في الموسم فواعدنا شعب العقبة فاجتمعنا من رجل ورجلين حتى توافينا عنده فقلنا: يا رسول الله علام نبايعك؟ قال: على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم وعلى أن تنصروني إذا…
__________
(1) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ2، ص299، الذهبي: المصدر السابق، جـ1، ص174 - 175. (2) الذهبي: تاريخ، جـ1، ص175. (3) الذهبي: نفس المصدر، جـ1، ص173. (4) الذهبي: نفس المصدر، جـ1، ص176 - 177. (5) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص299، الذهبي: المصدر السابق، جـ1، ص176 - 177. (6) الذهبي: نفس المصدر، جـ1، ص177. ويذكر الديار بكري انه في السنة الثالثة عشرة من النبوة قدم مكة في موسم الحج قريب من خمسمائة نفر وفي رواية ثلاثمائة نفر من الأوس والخزرج وخرج معهم مصعب بن عمير إلى مكة واتفق منهم سبعون رجلاً. قال ابن سعد: يزيدون رجلاً أو رجلين وامرأتان: نسبة بنت كعب أم عمارة وأسماء بنت عمرو. وقال ابن إسحاق: ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان وقال الحاكم خمس وسبعون نفساً لاقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فواعدهم أن يحضروا شعب العقبة في الليلة الثالثة من ليالي التشريق للمبايعة. (انظر: تاريخ الخميس، جـ1، ص317).

الصفحة 65