كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
66…قدمت عليكم يثرب تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم ولكم الجنة (1). وقد أكد الأوس والخزرج تأييدهم لدعوة الإسلام وإيواء الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ومنعتهم مما يمنعون منه أنفسهم بعد هجرته صلى الله عليه وسلم، وأصحابه (2). وقد بلغ من حرص الأنصار على لقاء الرسول صلى الله عليه وسلم، أنهم لما سمعوا بهجرته صاروا يخرجون كل يوم إلى الحرة ينتظرونه فما يردهم إلا حر الظهيرة (3). فلما نزل يثرب تدافعوا إليه كل يطلب منه أن ينزل بدارهم وكانوا يأخذون بخطام ناقته فيقول خلوا سبيلها فإنها مأمورة (4). ثم حط رحاله في دور بني النجار فنزل على بيت أبي أيوب الأنصاري النجاري (5). وكان أبو أيوب يقول: كنت في العلو فلما خلوت إلى أم أيوب قلت لها: رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحق بالعلو منا. فما بتنا تلك الليلة، فلما أصبحنا قلت: يا رسول الله ما بت الليلة أنا ولا أم أيوب، والذي بعثك بالحق لا أعلو على سقيفة أنت تحتها أبداً (6). ولقد صح إيمان الأنصار وسمى على كل معنى لحلف أو عقد. ولذا فقد أصروا على أن يشركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في غزوة بدر، وهي أول مرة يخرجون معه لقتال، وذلك لاشتراطهم في بيعة العقبة أن ينصروه بالمدينة فقط (7). وقال قائلهم: لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك (8). وقد تعددت مواقف الأنصار التي تبين مدى تغلغل الإيمان في قلوبهم فمن ذلك ما كان يفعله أبو طلحة يوم أحد حين تطاول يحمي رسول الله من النبل ويقول: نحرى دون نحرك (9). وقد اعتبر بعضهم التخلف من غزوة تبوك…
__________
(1) الذهبي: تاريخ، ج1، ص177. (2) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص195. (3) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص341، ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 68. (4) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ2، ص341، ابن الحاج: المصدر السابق، ورقة 68، 69. (5) ابن الحاج: نفس المصدر، ورقة 69. ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص405. (6) ابن الحاج: المصدر السابق، ورقة 69، ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص405. (7) ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 74. (8) ابن كثير: البداية والنهاية، م2، جـ3، ص262، ابن الحاج: المصدر السابق، ورقة 75. (9) ابن قدامة: الاستبصار، ورقة 9.