كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

70…منه أن يرسل معلماً يعلمهم القرآن ويفقهم في الدين (1). وقد اهتم منهم كثير بدراسة القرآن وجمعه على عهد رسول الله (2). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل منهم إلى القبائل العربية أفراداً وجماعات يفقهونهم في الدين ويقرئونهم القرآن (3). وقد لاقوا عنتاً ومشاق كثيرة في مهمتهم تلك كيوم بئر معونة ويوم عضل والقارة قبله (4). ويعد أبي بن كعب الأنصاري أحد فقهاء الصحابة وأقرأهم لكتاب الله تعالى (5)، كما كان أسيد بن حضير بن سماك الأشهلي من أحسن الناس صوتاً بالقرآن وهو أحد العقلاء والكملة من أهل الرأي (6). وقد عرف في الأنصار جماعة وهبوا أنفسهم لدراسة القرآن، عرفوا بالقراء (7)، ولم يكن عملهم الديني هذا واهتمامه العلمي ليشغلهم عن كسب عيشهم بأيديهم، فقد كانوا يحتطبون بالنهار ويتدارسون القرآن بالليل (8). كما أن اتجاه الأنصار العلمي لم يصرفهم عن خدمة رسول الله ودين الإسلام بأفكارهم وأعمالهم. فقد كان شعراء الأنصار وخطباؤهم خير منافح عن الرسول والإسلام. وقد شهد وفد تميم لأولئك بالتفوق والمقدرة العظيمة فقالوا: إن خطيب القوم أخطب من خطيبنا وشاعرهم أشعر من شاعرنا (9).…
__________
(1) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص296، الذهبي: تاريخ، جـ1، ص173، ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 65، المراغي: تحقيق النصرة، ص30. (2) ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص250، ابن قدامة: الاستبصار، ورقة 7. (3) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص566. (4) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص74، 181، 362، 402، 566، ابن قدامة: المصدر السابق، ورقة 21. ابن الحاج: المصدر السابق، ورقة 87. (5) ابن الأثير: أسد الغابة، جـ1، ص71 - 72، ابن قدامة: المصدر السابق، ورقة 8. (6) ابن عبد البر: الاستيعاب، (هامش كتاب الإصابة، جـ1)، ص54. (7) ابن الحاج: المصدر السابق، ورقة 87. (8) ابن الحاج: نفس المكان. (9) ابن إسحاق: السيرة، جـ4، ص991، ابن قدامة: الاستبصار، ورقة 25.

الصفحة 70