كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

76…من القبائل العربية، كبني ثعلبة (1)، وبني حنيفة. وكان هوذة بن علي الحنفي قد أهدى نوبيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتقه (2). وقد أخدم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة جارية نوبية تشاطرها الخدمة فكانت تعجن وتحتطب لها (3). ومن ضمن الموالي في المدينة جملة العبيد الذين نزلوا على النبي صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف لما حاصرها فأسلموا فاعتقهم وعدتهم بضعة عشر رجلاً (4). كما كان في المدينة موالي من أهل اليمن (5). والمولى هو العبد المملوك (6). كما يراد به أيضاً العبد المعتق (7)، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: الولاء لمن أعتق (8). وقد استحب أهل المدينة استعمال لفظ مولى فلان وفضلوه على قولهم: عبد فلان (9). كما كان يقال للعبد أيضاً: غلام فلان (10). وقد يكون المولى اصطناع وحف، وهو غير مولى الرق (11). وقد اعتبر مولى القوم منهم له ما لهم من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات (12)، شريطة أن يكون السيد مسلماً. ولذا فقد رد الرسول صلى الله عليه وسلم لغيلان بن سلمة الثقفي، لما أسلم، ولاء عبد له كان قد فر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغيلان مشرك (13). وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أنكر على رشيد الفارسي، مولى بني معاوية من الأنصار، في إحدى الغزوات حين ضرب أحد المشركين، قوله: خذها وأنا الغلام الفارسي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا قلت خذها وأنا الغلام الأنصاري (14)؟. ومما يظهر أيضاً، مدى قوة رابطة الولاء بين السيد ومولاه ما ذكر من أن ولاء العبد، بعد وفاة سيده، إنما…
__________
(1) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص561. (2) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص293. (3) ابن حجر: الأصابة، جـ4، ص387. (4) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص401، 649، 667. (5) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص40 - 46، ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص208. (6) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص548، الفيروز آبادي: القاموس، جـ4، ص404. (7) مالك: الموطأ، جـ2، ص562، ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص362، جـ3، ص467، الفيروز آبادي: المصدر السابق، جـ4، ص404. (8) مالك: المصدر السابق، جـ2، ص562. (9) ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص362، جـ2، ص174، جـ3، ص576. (10) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص362، جـ2، ص174. (11) ابن خلدون: تاريخ، جـ1، ص114 (طبعة بولاق، 1284 هـ). (12) ابن عبد البر: الاستيعاب (هامش كتاب الإصابة، جـ1)، ص483، مالك: الموطأ، جـ2، ص518، ابن حجر: الإًابة، جـ3، ص601، 467، جـ4، ص26. (13) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص548. (14) الواقدي: المغازي، ص204 (الطبعة الأولى). وروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً". (انظر: ابن عبد البر: الانباه، ص43).

الصفحة 76