كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

8…وقد أفادني في عملية المقارنة بين خطط الأمصار. ويضاف إلى هذا بعض الكتب الحديثة في الخطط، مثل كتاب المستشرق لويس ماسنيون: (خطط الكوفة وشرح خريطتها). أما بالنسبة لكتب جغرافية البلدا، فيأتي على رأس هذه القائمة، الأصطخري (توفي في منتصف القرن الرابع الهجري)، وكتابه، (المسالك والممالك)، وكذلك ياقوت الحموي "ت626هـ / 1228م" وكتابه (معجم البلدان). ففي مثل تلك الكتب تسنى لي معرفة معظم المواضع الجغرافية، في جزيرة العرب، التي وردت خلال البحث، مع محاولة للمقارنة بين أسمائها في الوقت الحاضر. وسوف نطالع بقية هذه الكتب، سواء في تاريخ المدينة المنورة وخططها، أم في غيرها، مما له صلة بالموضوع - خططاً وجغرافية- في آخر البحث، في ثبت المصادر والمراجع. هذا ولم يفتنى الرجوع إلى كتب الموسوعات والقواميس، ودواوين الشعر وبعض الدوريات العلمية المعتبرة. وهي المجموعة السادسة والأخيرة في هذه السلسلة من المصادر والمراجع، التي اعتمدت عليها عند كتابة هذا البحث. أما بالنسبة للشكل المنهجي لهذا البحث، فنحب أن ننوه، بأننا بعد اختيار الموضوع، لم نضع أي مخطط مسبق للكتابة، إلا من واقع المادة التي جمعناها. ونحن بهذا، لم نحاول أن نضع أنفسنا في موضع اعتساف للحقيقة، حتى توافق رأينا أو فكرتنا المسبقة، وذلك فيما لو أننا قيدنا أنفسنا بمخطط للبحث، قبل أن نلم بالموضوع ونجمع مادته الكافية. وعلى هذا، فقد اقتضت طبيعة هذا البحث - من واقع المادة المجمعة - أن نقسمه إلى ثلاثة أبواب، كل باب يشتمل على عدة موضوعات، مدرجة في فصول بحسب منهجية الدراسة وارتباط موضوعها ببعض. فبالنسبة للباب الأول، فهو مختص بذكر عناصر السكان في المدينة المنورة، خلال العصر النبوي. ويضمن ثلاث فصول، جاء الفصل الأول منها بعنوان "دراسات تمهيدية" ويشتمل على فقرتين، الأولى دراسة موجزة عن الجغرافية التاريخية للمدينة مع الإشارة لأسمائها اقديمة والإسلامية. والثانية تتناول موضوع أهمية موقع المدينة الاقتصادي بين الشمال والجنوب. وقد رأينا، أن من الأفضل، البدء بهذا الفصل، لتهيئة ذهن القارئ، ولكي تتجمع لديه بعض المعلومات عن النواحي الجغرافية والاقتصادية والطبغرافية في المدينة، ودور ذلك في عملية جذب أو طرد التجمعات السكانية فيها خلال العصور. وسيجد القارئ أن الفقرة الأولى في هذا الفصل، تسلط الضوء على موقع المدينة الجغرافي من جزيرة العرب، كما تتعرض لذكر شيء عن مناخها وتضاريسها وطبيعة تربتها، التي تغلب عليها أشكال التربة البركانية أو الحرية. ولم يفتنا في هذه الفقرة، أن نعرج على ذكر أسماء المدينة - قديماً وفي الإسلام - لما في ذلك من إشارة على أهمية - جغرافية وتاريخية واقتصادية - تؤكد حيوية منطقة المدينة. وذلك حين نجد، أن بعض أسمائها، كان موغلاً في القدم، وظل متداولاً إلى عصور متأخرة. أما في الفقرة الأخيرة، فقد حرصنا على التنويه بأهمية موقع المدينة الاقتصادي كمحطة تجارية، في الوسط الغربي لجزيرة العربن على طريق القوافل التجارية. وهو الطريق الذي يربط - قبل الإسلام - بين الجنوب والشمال والشرق. كما أشير إلى مساهمة السكان - حينذاك - في النشاط الصناعي، الذي كان يقوم - في الغالب - على الزراعة، وخاصة النخيل، التي اشتهرت المدينة بزراعته.…

الصفحة 8