كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

82…وقد بدأت هجرة الأوائل من قريش (1) وحلفائهم ومواليهم، إلى المدينة قبل العقبة الكبرى بسنة تقريباً (2). وكانت الرغبة في كسب ملجأ أمين وبعيد عن أذى قريش والتفرغ لنشر دعوة الإسلام، إحدى العوامل الظاهرة لهجرة هذه العناصر من مكة إلى المدينة بعد أن سبقتها هجرتان إلى الحبشة (3). ولم تكن قريش تجهل ما سوف تسفر عنه نتائج هذه الهجرة إلى المدينة فكانت تتخوف من التحاق الرسول صلى الله عليه وسلم ببقية المهاجرين، فيأتيهم بمالا طاقة لهم به (4). ولذا فقد عملت، ما وسعها الجهد، على عرقلة هذه الهجرة وإبطالها. غير أن علمها حبط أمام إصرار المهاجرين وصدق عزيمتهم (5). ويذكر أنه لم يكن مع أم سلمة حين خرجت إلى المدينة إلا بعيرها وابنها في حجرها (6). وذلك يعطي صورة عظيمة عن مدى إيمان المهاجرين وقوة عزائمهم وإصرارهم على الهجرة إلى الحد الذي جعل تلك المسلمة تهاجر وليس معها إلا ابنها في حجرها. وقد نزل عدد من هؤلاء المهاجرين الأوائل، على بعض الأنصار في قباء، لعدم وجود مساكن أو موارد عيش لهم (7). وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، بدأت هجرة جماعية إلى المدينة (8). فقد ذكر أن آل مظعون الجمحيين، وآل أبي البكير، وحلفاء بني عدي، وغيرهم، كانوا ممن أوعب في الخروج إلى المدينة رجاله ونساؤهم ولم يبق منهم بمكة أحد حتى غلقت دورهم (9).…
__________
(1) وقريش خمسة وعشرون بطناً، وهم: بنو هاشم بن عبد مناف، بنو المطلب ابن عبد مناف، بنو الحارث بن عبدالمطلب، بنو أمية بن عبد شمس، بنو نوفل ابن عبد مناف، بنو الحارث بن فهر، بنو أسد بن عبد العزى، بنو عبد الدار بن قصي - وهم حجبة الكعبة - وبنو زهرة بن كلاب، بنو تيم بن مرة، مخزوم، بنو يقظة، بنو مرة، بنو عدي بن كعب، بنو سهم، بنو جمح، ويقال لهؤلاء قريش البطاح وسواهم بنو محارب بن فهر، بنو الحارث بن عبدالله بن كنانة، بنو عائذة، وهو خزية بن لؤي، بنو نباته، وهو سعد بن لؤي. (انظر: المسعودي: مروج الذهب، جـ2، ص269). (2) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص269 - 272، الذهبي: تاريخ، جـ1، ص185، ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص335. (3) ابن إسحاق: السيرة، جـ1، ص213 - 220، جـ2، ص321 - 346، ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص233 - 235، 335، 464، جـ3، ص47. (4) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ2، ص331 - 332، ابن الحاج: رفع الخفاء، ورقة 66. (5) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص269 - 272، الذهبي: تاريخ، جـ1، ص185 - 186. (6) الذهبي: نفس المكان. (7) ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص271، 386، ابن حجر: المصدرالسابق، جـ2، ص315. (8) ابن سعد: المصدر السابق، جـ2، ص315. (8) ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص388، 393 - 397، ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص283. (9) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ2، ص324، ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص388، 393 - 397.

الصفحة 82