كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

88…وقد أثبتت الأحداث صدق حدس الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد نظره بضوررة إدخار قريش لزمانهم. فقد كان الاعتماد عليهم كبيراً في المدينة. وكانت أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبيدة بن الحرث المطلبي القرشي، أرسله في سرية قبل وقعة بدر (1). كما أن أول لواء عقد كان لحمزة بن عبدالمطلب (2). ويذكر أنه لم يكن مع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم بدر من الفرسان إلا فارسان، الزبير بن العوام على الميمنة والمقداد بن الأسود على الميسرة (3). وقد أظهر الكثير من رجال قريش مواهب فذة في السلم والحرب (4). وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك، عمر بن الخطاب أو عمر بن هشام (4). وكان عمر بن الخطاب ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مشاهده كلها، وخرج في عدة سرايا وكان أميراً على بعضها (6). وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أبا بكر وعمر فقال هذان السمع والبصر (7). وفضل الرسول صلى الله عليه وسلم استعمال قريش على الأمصار المفتوحة البعيدة عن المدينة، كاليمن والبحرين وخيبر (8). وقد يرجع سبب ذلك إلى ضمان عدم خروج تلك الأمصار أو ارتداد أهلها والتفافهم على زعمائهم. وذكر أن خالداً وأباناً وعمراً أبناء سعيد بن العاص لما بلغتهم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعوا عن أعمالهم. فقال لهم أبو بكر: ما أحق بالعمل منكم (9). واستخلف النبي بعضهم على المدينة في عامة غزواته (10). كما كان يستكتب منهم منن يجيب عنه الملوك، حتى قيل أنه استكتب عبدالله بن الأرقم الزهري وبلغ من أمانته عنده أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك فيكتب ويختم ولا يقرأه لأمانته عنده (11).…
__________
(1) الواقدي: المغازي، ص3 - 4 (الطبعة الأولى)، ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص50 - 51، ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص449. (2) الواقدي: المصدر السابق، ص3 - 4، ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص51، (3) ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص103، الذهبي: سيرة أعلام النبلاء، جـ1، ص29. (4) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص2. (5) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص265 - 269، ابن حجر: الإصابة، جـ2، ص518 - 519. (6) ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص265 - 269. (7) ابن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص299. (8) كان خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، على اليمن، وأبان أخوه، على البحرين عمرو بن سعيد بن العاص، على سواد خيبر. (انظر: ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص539). (9) ابن حجر: نفس المكان. (10) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص523. (11) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص273، 311.

الصفحة 88