كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
89…وقد تعددت مواهب القرشيين، في المدينة، فجمعوا بين صفات الشجاعة والحرب وفضائل العلم والنفقة في الدين (1). كما تولى منهم جماعة، على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمور الفتيا (2). وكان يبعث رجالاً منهم إلى البلدان لتعليم الناس السنة وأصول الإسلام (3). وكان لرجال ثقيف مشاركة بارزة في إدارة شئون المجتمع المدني على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كالمغيرة بن شعبة، وكان يقال له مغيرة الرأي، لدهائه وحسن تدبيره (4). وللثقفيين أيضاً نصيب كبير في مراكز القيادة والمشاركة في الغزوات (5). فقد أصبحوا عصب كثير من البعوث والسرايا. ولدينا نص يذكر أنه قد أصيب منهم يوم الجسر مع أبي عبيدة ثلاثمائة رجلاً (6)، مما يعطي فكرة عن مدى مشاركتهم بأعداد كبيرة في الغزوات على عهد النبي (ص). على اعتبار أن نسبة المصابين كانت كبيرة مما ينبئ عن كثرة المشتركين منهم في تلك السرية. كما أنه قد تعني كثيرة المصابين فيهم، أنهم كانوا على جانب كبير من الشجاعة والجرأة والإقدام، مما عرضهم لتلك الأصابات أكثر مما قد تدل على كثرتهم. إلا أنه مهما كان الأمر فإن الثلاثمائة أنفسهم الذين شاركوا في سرية جسر أبي عبيدة وأصيبوا، يعدون نسبة كبيرة بحد ذاتها. وقد ضم المجتمع المدني، عدداً من حلفاء قريش ممن دخل في الإسلام عن إعجاب وإيمان (7). وهم من كانت لهم سابقة في دخول الإسلام والهجرة إلى الحبشة (8). ثم الهجرة إلىالمدينة، مع المهاجرين الأوائل، الذين شهدوا مع رسول الله مشاهده (9). ويبلغ عدد حلفاء قريش ممن سكن المدينة وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسب ما ذكره ابن حجر، حوالي 39 صحابياً، وكان أغلبهم من خزاعة وبلى وعذرة، وجعفى، وأسد خزيمة، ومزينة، وهذيل، وسليم، وتميم، وكندة، والأزد، والليث، وعنز، ودوس، وقضاعة، وحرموت، وعنس، وثقيف، ومازن، وعجل، والقارة (10). وقد شارك…
__________
(1) ابن سعد: الطبقات: جـ3، ص102 - 104، 116 - 118، الذهبي: سيرة أعلام النبلاء، جـ1، ص27 - 30، ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص2، 330 - 331. (2) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص416. (3) ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص116 - 118، 410 - 411. (4) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص452 - 453. (5) ابن حجر: نفس المصدر، جـ2، ص357. (6) ابن حجر: نفس المصدر، جـ3، ص2 - 3، جـ4، ص45. (7) ابن حجر: الإصابة، جـ1، ص458، جـ2، ص521. (8) ابن سعد: الطبقات، جـ3، ص265، 386 - 387، 390، بن حجر: المصدر السابق، جـ2، ص247، 249، 287. (9) ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، في أماكن متفرقة، ابن حجر: المصدر السابق، جـ1، ص139، 486، جـ2، ص512 وفي أماكن متفرقة. (10) انظر كتاب الإصابة، في أماكن متفرقة من الأجزاء الأربعة، ابن سعد: المصدر السابق، جـ3، ص89 وما بعدها.