كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)

91…وقد ينسب بعض المهاجرين إلى بعض البلدان مثل: اليمامة، اليمن، الطائف، فارس، مكة، الربذة، نجران، زبيد (1). أما من كان نزاع من هنا وهناك، ممن لا يعلم من هم. فأولئك هم من عنينا بالقول أنهم من أفناء العرب (2).
الإحصاء التقريبي لعامة المهاجرين في المدينة:
وقد حاولنا في هذه الدراسة معرفة الإحصاء التقريب للمهاجرين في المدينة، وهو لا يعني ادعاء المقدرة على إعطاء إحصاء كامل ودقيق عن عددهم. بقدر ما أردنا به تقريب الصورة وتوضيحها في ذلك. وما ذلك إلا لأننا لم نجد بين أيدينا نصوصاً متكاملة أو صريحة عن تعداد القبائل العربية المهاجرة إلى المدينة. وهي معضلة واجهت الكتاب المسلمين عند حديثهم عن الصحابة فقال ابن حجر: "فجمعت كتاباً كبيراً في ذلك ميزت فيه الصحابة من غيرهم ومع ذلك لم يحصل لنا من ذلك جميعاً الوقوف على العشر من أسامي الصحابة بالنسبة إلى ما جاء عن أبي زرعة الرازي قال: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم روى عنه سماعاً أو رؤية" (3). والعدد الذي ذكره أبو زرعة يشمل عدد الصحابة في المدينة وغيرها، وذلك من واقع النص السابق. واستناداً إلى بعض الروايات التاريخية يمكننا القول بأن المسلمين في المدينة مع بدء الهجرة كانوا قليلاً (4)، لم يصلوا - فيما يبدو - إلى سبعين ألفاً، على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (5). وكان الإحصاء التقريبي للمسلمين، سواء في المدينة أم في غيرها، يوم تبوك، حوالي خمسين ألف رجلاً (6). ولو أخذنا بالتقدير النسبي لتزايد سكان المدينة معتمدين في ذلك على تناول الأعداد المذكورة للمقاتلة المسلمين منذ غزوة بدر، لخرجنا بنتيجة شبه مقنعة، وهي أن تزايد أعداد المسلمين في المدينة نتيجة الهجرة، على عهد النبي، كان بطيئاً أول الأمر، ثم سريعاً وكبيراً جداً منذ غزوة الخندق. فعدد مقاتلة المسلمين يوم بدر كان حوالي ثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً (7). ويوم أحد كانوا حوالي سبعمائة رجلاً (8). ويوم الخندق بلغ عدد المسلمين حوالي ثلاثة آلاف رجل (9). وحين خرج الرسول 0ص) في آخر سنة ست، معتمراً، كان الناس سبع مائة (10). وحضر مع الرسول صلى…
__________
(1) ابن حجر: الإصابة، (انظر الأجزاء الأربعة في أماكن متفرقة). (2) ابن حبيب: المنمق، ص24. (3) المصدر السابق، جـ1، ص3 - 7. (4) قال تعالى: "واذكروا إذ كنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس". الآية: الأنفال: 26. (5) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص209. (6) عن منجاب بن راشد الضبي قال: قدم علينا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم عام تبوك، فاستنفرنا إلى تبوك فنفرت إليه تيم والرباب وأخواتها، فكنا ربع الناس، وكانوا ثمانية وأربعين ألفاً. (انظر: ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص458 - 459). (7) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص524، الواقدي: المغازي، جـ1، ص152 - 156، طبعة أكسفورد). (8) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ3، ص586. (9) ابن إسحاق: نفس المصدر، جـ3، ص705. (10) ابن أسحاق: نفس المصدر، جـ3، ص774.

الصفحة 91