كتاب مجتمع المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم (اسم الجزء: 1)
92…الله عليه وسلم يوم فتح خيبر أقل من ألفي رجل (1). وبلغ عددهم يوم الفتح، أواخر سنة ثمان، حوالي عشرة آلاف من أهل المدينة (2). وبلغ عددهم يوم الطائف حوالي اثني عشر ألفاً منهم ألفان من أهل مكة (3). والمعروف، أنه بعد فتح مكة تزايد عدد الذين دخلوا في دين الله أفواجاً (4). وهذا يجعلنا نميل إلى تريح ما رآه بعضهم، من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبض والمسلمون ستون ألفاً بالمدينة وثلاثون ألفاً في قبائل العرب وغيرها (5). وكان يغذي هذا الجمع المتزايد من المسلمين في المدينة، تتابع المهاجرين أرسالاً إليها، حتى ذكر أن من القبائل من أوعبوا جميعاً إلى المدينة رجالهم ونساءهم وأطفالهم حتى أغلقت دورهم (6). وتجد في الملاحق إحصاء تقريبياً عن أعداد بعض القبائل العربية المهاجرة إلى المدينة والذين شاركوا في الغزوات. مؤملين أن يساعد ذلك في إلقاء الضوء على حجم الكثافة العددية للقبائل المهاجرة، وأن يبين مقدار التناسب بين اعدادهم. كما أوردنا إحصاء آخر عن عدد الصحابة من سائر القبائل ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، تجده في الملاحق أيضاً. وقد ظلت معدلات السرعة في تتابع الهجرة إلى المدينة مستمرة إلى ما قبيل وفاة النبي (7) (ص). وكان قد بلغ بالنبي صلى الله عليه وسلم حداً، بعد تكاثر الناس في المدينة على صغرها (8)، أنه صار من المتعذر عليه - في بعض الأحيان - التعرف على كثير من الصحابة (9).…
__________
(1) ابن إسحاق: نفس المصدر، جـ3، ص791 وما بعدها. البلاذري: فتوح البلدان، جـ1، ص29 - 32. (2) ابن إسحاق: المصدر السابق، جـ4، ص859. وذكر أن من بني سليم سبع مئة رجلاً. وقال بعضهم ألف رجلاً، ومن بني غفار أربع مئة، ومن أسلم أربع مئة، ومن مزينة ألف وثلاثة نفر، وسائرهم من قريش والأنصار وحلفائهم، وطوائف العرب من تميم وقيس وأسد. (انظر: ابن إسحاق: نفس المصدر، جـ4، ص877). الواقدي: المصدر السابق، جـ3، ص889 (طبعة أكسفورد). (3) الواقدي: نفس المكان، ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص49. (4) قال تعالى: "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا". النصر: 1 - 3. (5) انظر الكتاني: التراتيب الإدارية، جـ2، ص407. (6) ابن إسحاق: السيرة، جـ2، ص324، ابن حجر: الإصابة، جـ3، ص14. (7) ابن حجر: نفس المصدر، جـ1، ص175، جـ2، ص118. (8) ذكر أن الرجل قد يستغني عن ركوب الدابة فيها، وذلك يدل على قرب المسافات بين مواضعها. (انظر: العدوى: أحوال مكة والمدينة، جـ2، ورقة 117. وكان بعضهم قد ذكر أن المدينة كانت في مقدار نصف مكة، أي أنها لم تكن كبيرة، حيث أن مساحة مكة كانت محصورة بين الجبال على شكل وادي ضيق. (انظر: ياقوت: معجم البلدان، جـ5، ص82). (9) ابن حجر: المصدر السابق، جـ3، ص343.