كتاب أصول الإنشاء والخطابة

تَصَدَّقْنَ، رُبَّ كاسيةٍ في الدنيا، عاريةٌ يوم القيامة". فقد كانت طرقٌ أخرى من التحذير أشدَّ من هذا إلا أنَّ النِّسَاء لَمَّا كُنَّ يَتَّقين العَرَاء والكَشْف كان ذكره من أشدِّ ما تنفعلُ له نفوسهن.
ثانيها: القضايا الكُلِّية والمُسَلَّمة، كقول عثمان - رضي الله عنه - في خطبةٍ له في شأن النَّاقمين عليه وتحذير المسلمين من سوء نواياهم: "أمَّا بعدُ، فإنَّ لكل شيء آفة، ولكل نعمةٍ عاهة، وإنَّ آفة هاته الأمةِ، وعاهةَ هذه النِّعْمَةِ عَيَّابون طَعَّانون، يُظهِرون لكم ما تُحِبُّون، ويُسِرُّون ما تكرهون، لقد أقررتم لابن الخطاب بأعظم مما نَقَمتم عليَّ، ولكنه وَقَمَكُم وقَمَعَكُم ... إلخ".
ثالثها: النَّوازل الحادثة، فإنها فُرَصٌ للموعظة، والنُّفوسُ عند نزولها سريعةُ الانفعال رقيقةُ الوِجْدَان، وللُّنفوس غِرَّةٌ كغِرَّةِ الصَّيْد فإذا لم يُضِعْهَا الخطيبُ أصابَ منها الغرض، ولهذا سُنَّت الموعظةُ عند خسوف الشمس.

الصفحة 145