كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار

12
ناشر (عبث الوليد) بهذا التدقيق واستشار فيه أولى العلم من أمثال الكاتب الضليع الأمير شكيب أرسلان.
وكل مزيد في التدقيق أدعى الى الطمأنينة في نسبة الكتاب إلى مؤلفه وخذخ الطمأنينة واجبة غاية الوجوب.
فالتزييف في نسبة الكتب والآثار الشعرية والأدبية إلى أصحابها لم يكن أقل الأمور ذيوعاً في الشرق والغرب في العصور الوسطى.
وكم من كاتب عثر على وريقات أو لم يعثر على شيء ثم أراد الإستفادة فنقل هذه الوريقات، وأضاف ما شاء له هواه، ثم نسبها إلى كاتب من كبار الكتاب، أو شاعر من فحول الشعراء، وابتغى بذلك صلة أمير بار بالأدب او الوصول إلى مكانة بين الأدباء.
أما وهذه الزيوف ذئعة بين الكتب المخطوطة ذيوعها بين العملة المسكوكة فكل تدقيق في تمحيص أصلها واجب لإمكان قبولها.
فإذا اطمأن الباحث إلى صحة نسبة مؤلف من المؤلفات الى كاتب أو شاعر له من سمو المكانة، وبعد الصيت ما للمعري ومن على شاكلته، فقد وجب عليه أن يذيع هذا المؤلف في عالم المطبوعات بكل وسيلة ممكنة، فتراثنا الأدبي القديم فخم غاية الفخامة وما اتصل بجمهورنا منه إنما هو قلة، وإحياء ما اعتقد الناس أنه اندثر من تراث الماضي لا يقل قدراً عن ابتكار جديد يعادل هذا الأثر، فشأن ما نعتقد أنه اندثر من حيث أنه ليس ملكنا مع رجائنا لو أنه وجد يعادل ما لم يوجد بعد مع رجائنا أنهي وجد.
لذلك كان للذيني نشرون ما طواه النسيان من كتب الأقدمين بعد الثتبيت كل التثبيت من صحته، فضل عظيم يستحقون عليه غاية الحمد.
والذين يراجعون (عبث الوليد) يرون فيه من نقد الشعر ألواناً قد لا تكون من مألوفنا اليوم ولكنها كانت مألوفة إلى زمن غير بعيد عنا. فالعناية فيه باللغة وعلومها بالغة حداً قد يحسبه أبناء اليوم مبالغاً فيه لكنهم ما يلبثون أن يعدلوا عن هذا الرأي حين يقرءون السابقين من نقاد الأدب؛ وإن كان البارعون

الصفحة 12