كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار

13
فيه من امثال الجاحظ يجعلون للأسلوب وللمعنى حظاً لا يقل عن حظ اللغة وعلومها إن لم يزد عليها ولم أقف على طريقة أبي العلاء في النقد إلا مما اطلعت عليه من هذا الكتاب، وآن لي أن أطلع عليه وكتب المعري قد اشتملها النسيان كما قدمته، وما اشتملت رسالة الغفران عليه من النقد لشعر بعض الشعراء لا يسهل أن يتخذ مقياساً؛ لأن الغاية التي قصد إليها رهين المحبسين من تأليف رسالة الغفران لا تجعل نقد الشعر وطريقة تناوله إياه واضحة بالمقدار الذي سهلت معه المقارنة بينها وبين سائر ما وضع في نقد الشعر من مصنفات.
وليت الكثير من أدبائنا يصنعون صنيع الأسناذ (السيد أسعد طرايزوني) في نشر ما يقفون عليه من المخطوطات القديمة بعد تحري صحة نسبتها إذن لأضافوا لتراثنا الادبي والعلمي حظاً عظيما.
فالمخطوطات العربية في المكاتب كثيرة جداً ومن اسفنا أن يكون المستشرقون قد سبقونا إلى نشر الكثير منها بعد التدقيق في صحة مصدرها والتحقق منها.
وهذا التحقق اليوم يمسور بفضل الأساتذة الضليعين فيه من وجوه مختلفة ممن يوجدون في جامعات البلاد العربية المختلفة فكم حقق هؤلاء من وثائق خطية من حيث نسبتها إلى العصر الذي دونت فيه أنها كتبت خلاله ومن حيث أسلوب الخط، وأسلوب الكتابة، وأسلوب البحث واتقانه مع أسلوب الكاتب وأسلوب العصر الذي كان يتكب فيه، أما وأسباب التمحيص حاضرة لدينا بهذا القدر من الكفاية فلا عذر لمن وقع له مخطوط فنشره دون التثبيت من صحة نسبته، ولا عذر لمن تثبتت له صحة هذه النسبة فاحتفظ بالمخطوط ولم ينشره إيثارا منه لنفسه على غيره أو اعتذاراً منه باذنه لم يستطع القيام بطبع المخطوط مع علمه بنفاسة قدره.
قد لا يكون في هذه الكلمة من التقديم لكتاب المعري (عبث الوليد) ما يجب أن يكون في تقديم الكتب من إيجاز لموضوعها واشارة الى طريق مؤلفها

الصفحة 13