كتاب عمدة الأخبار في مدينة المختار

41
إياه في كثير من الأمور على أنفسهم، الأنصار: جمع ناصر كأصحاب وصاحب، أو جمع نصير كشريف واللام: للعهد أي أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم والمراد الأوس والخزرج قالوا: ولم تزل العالية بها الظاهرة عيها حتى كان ما كان من أمر سيل العرم وما قص الله عز وجل من قصته في القرآن، فاجتمع عمرو بن عامر بن ثعلبة فقال عمرو لقومه إني واصف لكم البلاد فمن أعجبه بلد فليسر اليه، ومن أراد الرحيل فليلحق بيثرب ذات النخل، وهي المدينة، وكان الذين اختاروها وسكنوها الأنصار الأوس والخزرج ابنا حارثة بن زيد بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة؛ وكانت المرأة تخرج من مأرب بمعزلها فتنزل قرية قرية حين تنزل الشام لا تحمل طعاماً ولا شراباً (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم) فنزلت غسان إلى الشام والأزد إلى عمان وخزاعة إلى تهامة والأنصار إلى يثرب فأقاموا بالمدينة وجدوا الأموال والآطام والنخل في أيدي اليهود مع القوة والعدد فمكثوا ما شاء الله ثم سالوهم أن يعقدوا حلفاً فتعاقدوا وتحالفوا بينهم فأقامت ألوس والخزرج في منازلهم خائفين أن تجليهم اليهود وكان الفطيون ملك اليهود بزهرة (1) وكانت لا تهدى عروس من الأوس والخزرج فكانت تدخل عليه فكان هو الذي يفتضها قبل زوجها، فتزوج أخت مالم بن العجلان رجل من قومها فبينما هو في نادي قومه.
إذ خرجت أخته فضلاء فنظر اليها أهل المجلس فشق ذلك على مالك ودخل عليها فعنفها وأنبها فقالت: ما يصنع في غد أعظم من ذلك أهدى إلى غير زوجي فلما أمسى مالك اشتمل على السيف ودخل على الفطيون متنكر مع النساء، فلما خفف من عنده علا عليه، فقتله وانصرف إلى دار قومه، ثم بعث هو وجماعة من قومه إلى من وقع بالشام
__________
(1) (بزهرة) زهرة بالضم فسكون وهي: مما يلي طرف العالية تسمى اليوم بالعوالى وأقصى حد لها عند المسجد النبوي ميل واحد. وكانت من أعظم قرى المدينة. وكان في قريتها، ثلاثمائة صائغ ثم أبادهم الله بالدود حتى لم يبق منهم سوى امرأة تعرف (بزهرة) ولما غشيها الدود قالت رب جسد مصون ومال مدفون بين زهرة ورانون. وأيضاً الحرة الشرقية تعرف بحرة زهرة وهى تنزل بك إلى العرض المعروف اليوم بالعريض. الناشر.

الصفحة 41