445 ...
فصل في ذكر الأحماء ومن حماها وشرح الجمى حال حمى النبي صلى الله عليه وسلم بالنقيع
الحمى بالقصر وقد يمد: موضع من الموات يمنع من التعرض له ليتوفر فيه الكلأ فترعى مواشي مخصوصة، وقد اشتهر بذلك مواضع من جهات المدينة منها حمى النقيع بنون مفتوحة وقاف مكسورة وعين مهملة وأصله: كل موضع يستنقع فيه الماء وهو من المدينة على أربعة برد.
وقيل: هو على ستين ميلاً من المدينة ولعل مراد قائله طرفه الأقصى من المدينة وقد تقدم أنه صدر وادى العقيق وهو أول الأحماء وأفضلها وأشرفها وأن طوله بريد وعرضه ميل في بعض ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما حماه لخيل المسلمين أمر رجلاً صيتاً فأوفى على عسيب وصاح بأعلى صوته فكان مدى صوته بريداً وهو قاع مدر طيب ينبت أحرار البقل ويغلظ نبته حتى يعود كالأجمة يغيب الراكب إذا أحيا وفيه الفضا، والغرقد والسدر والسيال والسلم والطلح والسمر والعوسج، ولأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى البقيع وقال: لا حمى إلا الله.
زاد ابن الزبير ولرسوله، ولأحمد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى البقيع لخيل المسلمين، وفي رواية له حمى النقيع للخيل وحمى الربذة للصدقات وعن غير واحد من الثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على مقمل وحماه وما حوله من قاع النقيع لخيول المسلمين.
قلت: وبالمقمل مسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرته في المساجد ونقل عن مالك أن الخيل التي أعدها عمر بالنقيع ليحمل عليها في الجهاد من لا مركوب له عدتها أربعون ألفاً.
ومنها حمى الربذة قرية بنجد من أعمال المدينة على نحو أربعة أيام من المدينة نزلها أبو ذر الغفارى رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي بها، قال الأصمعي: ...